السعودية وإيران هل تم تغيير «قواعد الاشتباك»

السعودية وإيران: هل تم تغيير «قواعد الاشتباك»؟

المغرب اليوم -

السعودية وإيران هل تم تغيير «قواعد الاشتباك»

عريب الرنتاوي

طوال عشرة أشهر من الحرب  في اليمن، لم تحرك إيران ساكناً، وظلت مكتفية بإصدار البيانات والتصريحات المنددة، وكل ما قيل عن إرسالها السلاح والرجال للقتال إلى جانب الحوثيين، لم يؤخذ على محمل الجد، في ظل الحصار المحكم المضروب حول البلاد براً وبحراً وجواً ... يبدو أن إيران أدركت أن اليمن “خط أحمر” سعودي، معترف به دولياً، وهذا هو الأهم، فقررت اتباع سياسة “النفس الطويل” مع المملكة، وهي سياسة تحتمل قبول خسارة الحوثيين لهذه الجولة من الحرب، على أمل استدراكها في مراحل لاحقة – ربما – أو في ساحات أخرى. 
لكن طهران لم تُطِق الانتظار أكثر من أربعة وعشرين ساعة على الإعلان عن “المقترح السعودي” بإرسال قوات برية إلى سوريا في إطار التحالف الدولي، تحت شعار “الحرب على داعش” ... خرج قائد الحرس الثوري محمد علي الجعفري مهدداً ومتوعداً: “السعودية لن تجرؤ”، السعودية “كمن يطلق النار على رأسه”، “هذا انتحار”... فيما قائد الحرس السابق محسن رضائي ألمح إلى احتمال اندلاع حرب إقليمية في حال أقدمت الرياض على تنفيذ مقترحها ... ومن بعد هؤلاء جاء قائد رئيس الحرس ليعتبر الخطوة السعودية بمثابة “مزحة سياسية”. هنا يبرز على نحو واضح، تباين الأولويات ... اليمن مهم بالنسبة لطهران، لا شك في ذلك، لكن سوريا هي “واسطة العقد” بالنسبة لإيران، فهي مبتدأ نفوذها في المشرق وشاطئ المتوسط وعلى ضفاف الصراع العربي الإسرائيلي، ومن دونها لا معنى لأي حديث عن إيران كـ “قوة إقليمية كبرى”، حتى وإن احتفظت ببعض أو بكثير من النفوذ والحضور في العراق والخليج. 
لكن سوريا تحتل مكانة “استراتيجية” في الحسابات السعودية كذلك، صحيح أن اليمن يتقدم عليها بوصفه جزءا من منظومة أمنها الداخلي، بيد أن الصحيح كذلك، أن لا معنى لزعامة سعودية أو دور إقليمي للمملكة إن ظلت سوريا تدور في الفلك الإيراني ... التدخل السعودي الكثيف في الأزمة السورية، والاستثمار الهائل الذي أنفقته على جماعات وفصائل ودول، بهدف كسر الهلال الشيعي في حلقته “الوسطى”،  ليس بلا معنى، ففي الحالة السعودية على وجه الخصوص، يبدو أمن النظام واستقرار البلاد، مرتبطين أشد الارتباط بدور المملكة الإقليمي، فإن خسرت أحدهما تضرر الآخر بالضرورة... السعودية من موقعها الديني والديموغرافي والجغرافي، “، لا تمتلك ترف الانصراف إلى شؤونها الداخلية فحسب، فإما أن تلعب دوراً قيادياً في العالمين العربي والإسلامي، وإما أن تشرع في مواجهة تحديات الداخل، وبشروط غير مواتية على الإطلاق.
الوزير وليد المعلم، بدا مدركاً تمام الإدراك، لحجم التعقيدات والتحديات التي تجابه “المقترح السعودي”، وهو يعرف أكثر من غيره، أن خطوة كهذه، ستستنفر حلفاء سوريا إلى أعلى درجات الاستنفار، وربما بصورة غير مسبوقة منذ اندلاع الأزمة قبل خمس سنوات، وستكون هناك حروب ومعارك طاحنة على الأرض السورية، وسيعود جنود كثر إلى أوطانهم بـ “صناديق خشبية”، وستدخل لعبة عض الأصابع بين الأطراف الإقليمية والدولية، مرحلة حرجة للغاية، وستزداد الأطراف المنهكة بهذا الصراع، إنهاكاً. 
ستمضي إيران في “حربها السورية” حتى نهاية المطاف، سيما إن أدركت أن “البدائل” التي تعد للأسد ونظامه، هي من النوع المعادي لها ولهلالها جذرياً، سيما وأنها ستكون “سعودية – تركية المنشأ”...  وليس مستبعداً ان تسقط على الأرض السورية، كثير من المحاذير و”الخطوط الحمراء”، وأن تتغير “قواعد الاشتباك”، وتنتقل المواجهة من “حروب الوكالة” إلى المواجهات المباشرة بين “الأصلاء” أنفسهم، ومن دون وساطة أو توسط ... والأرجح أن الدولتين العظميين، لن تكونا بمنأى عن المشهد، وإن كرهتا تفاقمه إلى الحد الذي تنذر به تطورات المواقف على ضفتي الخليج العربي، فهاتان الدولتان قد تدفعان ثمناً باهظاً نظير حالة الانفلات و”التفلّت” التي يعيشها حلفاؤهما، وخروج معظمهم عن أطواق السيطرة والتحكم. 
والراهن، أننا كلما تأملنا في المشهد السوري، في ضوء التطورات الأخيرة، كلما ازددنا حيرة في الإجابة على “سؤال المليون دولار”: هل نحن أمام عملية تسخين مدروسة، تسبق التسوية الكبرى وتمهد لها، أم أن المنطقة سائرة لا محالة، إلى حفلة جنون جديدة؟ ... أو بمعنى آخر، هل كلما اقتربت المنطقة من لحظة التدمير الذاتي ستتعاظم فرص “التسوية” أم أن “الرؤوس الحامية” قد سخنت بما يكفي للأخذ بـ “خيار شمشون”؟ 
قبل “عاصفة الحزم” ما كان أحدُ لينتظر اقتراحاً كذاك الذي صدر عن الرياض ... بعدها، صار كل شيء ممكناً، وكل السيناريوهات محتملة ... ولا أحسب أن عبارات “لن تجرؤ” و”مزحة سياسية” التي صدرت عن مسؤولين إيرانيين، تكفي لتفسير الموقف السعودي ... السعودية تفاجئنا كل يوم، بما يجعلنا نتحسس رؤوسنا ويحفزنا على إجراء المراجعة لمدركاتنا عن ضوابط ومحددات وآليات صنع السياسة والقرار، في مرحلة تتسم بخذلان الحلفاء الدوليين وانسحاب الغطاء الناجم عن تراجع المكانة، وتردد الحلفاء الإقليميين وغرقهم في بحور مشكلاتهم الخاصة، وتآكل سعر النفط وعائداته، وتزايد الاتهامات والانتقادات في الغرب والشرق ... إنها لحظة غير مسبوقة، قد تفضي إلى انتهاج سياسات واتخاذ قرارات، غير مسبوقة كذلك. 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية وإيران هل تم تغيير «قواعد الاشتباك» السعودية وإيران هل تم تغيير «قواعد الاشتباك»



GMT 20:28 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

الودُّ عامرٌ بين الحوثي و«القاعدة» في اليمن

GMT 18:12 2024 الأحد ,03 آذار/ مارس

غزة... التدمير مقابل التدمير

GMT 18:44 2024 الإثنين ,26 شباط / فبراير

من اعتدى على شجرة مثمرة

GMT 23:01 2024 الخميس ,15 شباط / فبراير

الزواجات بخيرها وشرّها

GMT 18:08 2024 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

المسألة الحوثية

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 03:28 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

يستقبل الرجاء الكوديم والوداد يواجه الفتح

GMT 03:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تواركة يعمق جراح شباب المحمدية

GMT 08:39 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها

GMT 02:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تسعى لشراء قمح في ممارسة دولية

GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 00:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

دبي تعلن عن أكبر صفقة عقارية هذا العام بأكثر من 137 مليون دولار

GMT 15:58 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يسدد ديون الضمان الاجتماعي

GMT 06:55 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل بروتين لشعرك من "المواد الطبيعة"

GMT 01:31 2023 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

آرون رامسديل يتعرض للانتقادات في آرسنال

GMT 20:41 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

غرف نوم باللون التركواز
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib