واشنطن إذ تعيد النظر في سياساتها الشرق أوسطية

واشنطن إذ تعيد النظر في سياساتها الشرق أوسطية

المغرب اليوم -

واشنطن إذ تعيد النظر في سياساتها الشرق أوسطية

عريب الرنتاوي


ألمح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في اتصاله الهاتفي مع بينجامين نتنياهو إلى نية الولايات المتحدة إجراء مراجعة لسياستها حيال “عملية السلام” في الشرق الأوسط، وذلك في معرض اعتراضه على تصريحات الأخير الانتخابية التي تعهد فيها بمنع قيام دولة فلسطينية طالما بقي على رأس الحكومة ... وحرصت الإدارة من خلال الناطقين باسمها على تأكيد التزامها بـ “حل الدولتين”، بوصفه مصلحة أمريكية – إسرائيلية، فضلاً عن كونه مصلحة فلسطينية وإقليمية كذلك.
ما الذي يمكن أن يتمخض عن مراجعة كهذه؟ ... وأية وجهة ستسلكها السياسة الأمريكية بعد تلك المراجعة المنتظرة؟ ... والأهم من كل هذا وذاك، هل ستكون هناك مراجعة في الأصل، أم أننا أمام “لعبة عض أصابع” تمارسها الإدارة ضد حليفها “العاق”، ويسعى من خلالها زعيم الدولة الأعظم، للرد على الزيارة والخطاب الاستفزازين لنتنياهو في الكونغرس الأمريكي؟ ... ما هي حدود الخلاف بين الجانبين، وما هو دور “الكيمياء المفقودة” بين الرجلين في صنع المواقف وتحديد الفواصل والتخوم بين الحليفتين الاستراتيجيين؟
ثمة من بين المراقبين من يعتقد جازماً أن واشنطن سترد على “صلف” نتنياهو القديم – الجديد – المتجدد، بممارسة ما في جعبتها من أوراق وأدوات للضغط على نتنياهو لتمرير “حل الدولتين” ... هؤلاء قرأوا في تعيين روبرت مالي خلفاً للمتصهين دينس روس، منسقاً أمريكيا لعملية السلام، بداية الرد الأمريكي على رئيس الوزراء الإسرائيلي، حتى قبل ان يدلي الأخير بما أدلى به من مواقف حاكى فيها خطاب أقصى اليمين في إسرائيل ... وهناك من يعتقد أن الإدارة تدرس جدياً خيار “رفع الغطاء” عن تل أبيب في مجلس الأمن، والسماح للمنتظم الدولي بالاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 67، مع تعديل طفيف ومتبادل ومتفق عليه، للأراضي على جانبي خط الحدود ... وهناك من ينتظر أن تكشف الإدارة عن المزيد ممّا في جعبتها من أوراق خبيئة، قد تلجأ إليها في قادمات الأيام.
لكن من بين المراقبين من يجزم، بأن الرد الأمريكي على “عنجهية” نتنياهو، سيأتي في مطرح آخر، أكثر أهمية و”استراتيجية” بالنسبة لواشنطن، ونعني به الاتفاق النووي مع إيران، وكان لافتاً أن أولى التعليقات الأمريكية على فوز نتنياهو لولاية رابعة في الانتخابات الإسرائيلية، ذهبت للقول إن مثل هذا الفوز لن يكون له أثر يذكر على مجرى المفاوضات الجارية من إيران ومجموعة “5 + 1”، في تأكيد على مضي الولايات المتحدة في طريقها إلى صياغة الاتفاق النووي، إن توفر له ما يكفي من الشروط والضمانات.
الرئيس الأمريكي، ليس لديه يدان طليقتان حين يتعلق الأمر بإسرائيل، أو حتى بيمينها المتطرف الذي يتزعم نتنياهو جبهته ... فهناك كتلة ضخمة تؤيد إسرائيل ظالمة أو مظلومة ... والأرجح أن الرئيس الأمريكي لن يكون قادراً على توجيه ضربتين متتاليتين لحكومة اليمين واليمين المتطرف، واحدة من البوابة الإيرانية والثانية من بوابة “حل الدولتين” الذي يرفضه هذا المعسكر بشدة ... فهل ستكتفي الولايات المتحدة بتوجيه ضربة واحدة فقط، وأين ستكون؟
أغلب الظن، أن الأولوية الأولى للإدارة الأمريكية خلال الأسابيع والأشهر القليلة القادمة، ستكون لتمرير الصفقة النووية مع إيران، فهذا ربما يكون الإنجاز الأكثر أهمية، إن لم نقل الوحيد، في السياسة الخارجية الأمريكية خلال السنوات الست الفائتة، والذي سيدخل التاريخ من بوابة أول رئيس أسود للدولة الأعظم، إلى جانب الاتفاق مع كوبا كذلك، الذي يبقى متواضعاً قياساً بتداعيات ومترتبات الاتفاق مع إيران.
معنى ذلك أن فسحة الوقت المتاحة للرئيس أوباما، قبل أن يتحول إلى “بطة عرجاء” في السنة الأخيرة للانتخابات، تقاس بالأشهر، وربما حتى نهاية العام على أبعد تقدير، وهي ليست “فسحة” بالمعنى الحقيقي للكلمة، في ضوء وجود “جيش” من المترصدين لخطواته في الكونغرس والإعلام وجماعات الضغط ومراكز صنع السياسة والقرار وتشكيل توجهات الرأي العام الأمريكي، يسهر على حراسة المصالح الإسرائيلية في واشنطن، وتعظيم الروابط الاستراتيجية بين الجانبين.
إن الحديث عن “تسوية شاملة” في الأشهر الأخير أو فيما تبقى من ولاية الرئيس والديمقراطيين، يبدو ضرباً من “التفكير الرغائبي” لا أكثر ولا أقل ... فالعقبات التي تحول دون إتمام هذه التسوية، كامنة في إسرائيل أساساً وفي الولايات المتحدة بدرجة ثانية ... لكن الإدارة ستكون أحسنت صنعاً إن هي “أبقت سيف الفيتو في غمده”، ولم تعد تشهره في وجه محاولات فلسطين انتزاع الاعتراف الدولي الكامل، ورسم خريطة لإنهاء الاحتلال وتجسيد حل الدولتين، وفي ظني أن “تمرير مشروع قرار” يعترف بدولة فلسطين في مجلس الأمن، هو الحد الأقصى الذي يمكن للمراجعات الأمريكية أن تبلغه، وهذا إنجاز بحد ذاته، لكنه سيكون اختراقاً بالمعنى الكامل للكلمة، إن اقترن بخطة زمنية لإنهاء الاحتلال، أو بوضع القضية الفلسطينية على سكة “التدويل” ... هل يفعلها أوباما وهو في الهزيع الأخير من ولايته الثانية؟ ... المسألة برمتها برسم الأشهر القليلة القادمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن إذ تعيد النظر في سياساتها الشرق أوسطية واشنطن إذ تعيد النظر في سياساتها الشرق أوسطية



GMT 19:50 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 19:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 19:46 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 19:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 19:39 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 19:33 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 19:30 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib