جدل المنصـات وسـجالاتها

جدل المنصـات وسـجالاتها

المغرب اليوم -

جدل المنصـات وسـجالاتها

بقلم - عريب الرنتاوي

أن تنقسم فصائل المعارضة السورية ومنصاتها حول مصير الأسد ومستقبل دوره في سوريا، فهذا أمرٌ مفهوم قبل ثلاث أو أربع سنوات، عندما كان نادي “أصدقاء سوريا” في ذروة نشاطه، وعندما كانت قوات النظام السوري بالكاد تسطير على خُمس سوريا، وعندما كانت قذائف المعارضة تسقط في محيط القصر الجمهوري في العاصمة، وعندما كان العالم برمته منهمكاً في عدّ الأيام الأخيرة لحكم الرئيس بشار الأسد.
لكن أن تعيد منصات المعارضة الثلاث انتاج خلافاتها حول الموضوع ذاته، وبقدر عالٍ من التوتر المصحوب بحرب اتهامات واتهامات متبادلة، فهذا غير مفهوم اليوم، سيما بعد أن تمكن النظام من مضاعفة مساحة المناطق التي يسيطر عليها بأكثر من أربع مرات وفقاً لبيان الجيش الروسي، وبعد أن غيرت دول العالم مواقفها وبدّلتها، بمن في ذلك رعاة المعارضة العرب والإقليميين والدوليين ... أما الخلاف حول مستقبل الأسد، وما إذا كان إسقاطه شرطاً للانتقال أو شرطاً مسبقاً للتفاوض، فهذا أمرٌ مثير للشفقة، لكأن القوم تتناهى إلى مسامعهم أنباء التفاهمات الأمريكية – الروسية، ولم يصغوا باهتمام إلى نصائح الوزير عادل الجبير، ولم تصلهم أنباء الأزمة الخليجية، ولم يتابعوا تطورات الموقف الفرنسي، ولم يدخلوا في حساباتها تبدل الأولويات التركية، ولم تصلهم أنباء “المنحى الإيجابي” الذي تسلكه العلاقة بين عمان ودمشق.
تشعر وأنت تسمع لأحدهم يتحدث من إسطنبول أو الرياض أو أبو ظبي أو غيرها من العواصم، أن “الفتية” لم يغادروا كهفهم بعد، أو هم غادروه للتو فقط ... عِملتهم لم تعد تجد من يصرفها أو حتى يتعرف عليها ... التاريخ عندهم توقف عند العام 2012، لا شيء حدث بعد ذلك، توقف أنهار سوريا عن الجريان ... وشمس ربيع دمشق لم تغب بعد.
خطاب “المظلومية” والبوح الطافح بمشاعر الخذلان، هو ما يطبع هذا الخطاب ... لا بد من تذكيرك في كل مرة بأن “الثورة بدأت سلمية”، وأن النظام هو المسؤول عن عسكرتها ودعشنتها ... العرب قطعوا الحبل بالشعب السوري وكذا المجتمع الدولي، لا أحد يتوقف عند مسؤولية هذه المعارضات عن الفشل الذي آلت إليه ... لا أحد يتوقف للتفكير ولو لبرهة واحدة، لتقييم الرهانات الخائبة التي بنت عليها المعارضات مواقفها وإستراتيجياتها ... لا أحد يمكن أن يعترف بأنه أخطأ وأن الأوان قد آن لكي يترجل تاركاً لغيره أن يتولى إدارة دفة السفينة.
من يتأمل الجالسين حول موائد الحوار بين المنصات، ينتابه إحساس عميق بالحزن على المآل الذي انتهت إليه حركة الشعب السوري، نصف الجالسين أو أكثر من رموز النظام ذاته، بعضهم كان الأكثر حماسة في التسويق للنظام والتسويغ لسياساته، وما أن أحسّ بأن السفينة ستغرق، حتى قفز منها بخفة إلى سفن المعارضات والعواصم الراعية، ساعده في تسجيل رقم قياسي في “القفز الحر”، صرر المال “السائب” وحقائبه المحشوّة بالبترودولار ... أما النصف الثاني، فهو إما أصوليون دينيون أو أصوليون يساريون، دفعهم عماهم السياسي والفكري للدفاع عن النصرة ومن بعدها عن مجالس علماء المسلمين الذين تفوح من فتاواهم، روائح الدم والفتنة، مع أن خلفية هؤلاء الماركسية والمسيحية، ليست خافية على أحد.
منصات مفبركة، سر ديمومتها يكمن في ما تتلقاه من دعم للبقاء على قيد الحياة، وأظن أن معظم هؤلاء، إن لم يكن جميعهم، سيتعثرون عند أول انتخابات بلدية أو برلمانية، وهيهات أن يجتاز أي منهم عتبة الحسم، هذا إن فكر أساساً بالترشح ... سائحون جوالون بين العواصم، باتوا على معرفة لصيقة بكل فنادق المدن التي تحتضنهم، ولديهم خبرات متراكمة، وكل واحد منهم قادر على تأليف موسوعة في “المبتدأ والخبر وحيل التذاكر والسفر”، أما “المناطق المحررة” في سوريا، فلم تطأها أقدامهم يوماً، فقد تركوها للنصرة وداعش وأحرار الشام وجيش الإسلام وفيلق الرحمن وغيرها من الأسماء والمسميات التي نعرف ولا نعرف.
منصة الرياض، أشهرها وأكثر تمثيلاً، تبدو موزعة على طرفي الأزمة الخليجية، بعضهم يطلق النار على بعضه الآخر، منصة القاهرة ما زالت تحمل هذا الاسم بالرغم من أن موفدي القاهرة يجولون في القلمون الشرقي والمنطقة الوسطى للتوسط بين النظام والمسلحين في مسعى لتكريس “خفض التصعيد” ... منصة موسكو المعارضة، فاتها أن موسكو هي من تقود حرب النظام للبقاء والتمدد على الجغرافيا السورية ... دعك من منصة حميميم أو أستانا، التي من اسمها يمكن معرفة حدود معارضاتها للنظام وتوجهاته.
علام يختلف هؤلاء، وما الذي بيدهم فعله، ومن سيصغي إليهم، وما الذي تبقى لهم أو كان لهم من الأرض والشعب في سوريا؟ أسئلة وتساؤلات لا يجهد الثرثارون أنفسهم في البحث عن إجابات عليها.... ومع ذلك لا يتردد أي ناطق باسمهم عن الحديث باسم الشعب السوري، وعندما يتواضع باسم أغلبيته الساحقة.
وحده ستيفان ديمستورا ما زال يتسقّط أخبار هؤلاء، فبهم وحدهم يتذكر أنه موفد أممي للأزمة السورية، حتى بعد أن أدرج وأدرجوا في باب “لزوم ما لا يلزم”.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدل المنصـات وسـجالاتها جدل المنصـات وسـجالاتها



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib