قضيتان للنقاش 22

قضيتان للنقاش (2-2)

المغرب اليوم -

قضيتان للنقاش 22

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

القضية الثانية: إدماج الحركة الوطنية الفلسطينية بـ"محور المقاومة والممانعة"
 
يبدو أن الدعوة لانتقال القيادة الفلسطينية إلى الخارج، للفكاك من أسر الاحتلال وقبضته، ترتبط في أذهان القائلين بها، بدعوة ثانية، تريد للفلسطينيين حسم خياراتهم والانضواء تحت رايات "محور المقاومة والممانعة"، بعد أن بلغ التهافت العربي مبلغاً عظيماً، وبات بعض العرب، عبئاً على قضيتهم لا ذخراً لها.
 
حسناً...لست أعارض هذه الأطروحة، ولكن على القائلين بها، أن يقنعونا أولاً، أو بالأحرى أن يقنعوا شعبهم، بأن أطراف هذا المحور، تقصد ما تقول، وجادة فيما ترفعه من شعارات، وأن "تحرير فلسطين من النهر إلى البحر"، هي قضيتها المركزية الأولى، لا قضية لـ"المشاغلة" و"التوظيف"، ولا "ورقة" مركونة في بازار "التسويات" و"المقايضات" الكبرى، التي ثمة ما يشير إلى أنها تختمر في أفق المنطقة.
 
لكن قبل الدخول في جدوى وجدية مثل هذا الطرح، علينا أن نُسائِل أصحابه عن تصوراتهم للمرحلة الاستراتيجية التي عبرتها القضية الوطنية مع "صفقة القرن" و"توجهات الضم" و"الهرولة العربية للتطبيع"، وما هي أولويات شعبهم فيها...ما هي أدواته الكفاحية الأكثر ملاءمة، وهل يقترحون اعتماد "الكفاح المسلح" بوصفه الأداة الكفاحية الأفعل، أم أنهم يأخذون بـ"التوافق" الفلسطيني حول "المقاومة الشعبية"...وفي كل الأحوال، كيف يمكن لأطراف هذا المحور، أن تكون عوناً للفلسطينيين، وهي بالكاد تخوض "صراع بقاء" محتدم؟
 
طوال نصف قرن، حافظت جبهة الجولان على "صمت المدافع، وسوريا بحاجة لعقود من أجل أن تعاود ما كانت عليه قبل عام 2011، وتتقدم إدلب وشرق الفرات و"الاحتلالات التركية" الجديدة، لائحة أولوياتها، حتى على قضية الجولان، فما بالك بفلسطين...ومنذ حرب تموز 2007، تحافظ جبهة جنوب لبنان على هدوء صارم، لا يقطع صمتها سوى حوادث متفرقة، لا تتهدد القرار 1701، وحزب الله يفاخر في حروبه على امتداد الإقليم، فيما أرض لبنان تكاد تميد من تحت أقدامه، وهو معني بـ"شرعيته"، حتى وإن جاءه الترياق من ماكرون...أما المقاومة في غزة، فقد جعلت من "التهدئة" هدفاً أسمى لها خلال العقد الأخير، بمبررات، ظاهرها انساني وباطنها سياسي، يتعلق بـ "سلطة الأمر الواقع".
 
أما إيران، فقد علمتنا تجربة السنوات الأربعين أنها مستعدة لقتال "الشيطان الأكبر" حتى آخر عراقي أو أفغاني أو سوري أو لبناني أو فلسطيني أو يمني...لقد ضُربت مئات المرات في سوريا، ولم ترد...وانتقل العدوان الإسرائيلي إلى عقر دارها مستهدفاً "درة تاج" برنامجها النووي: ناطنز، ولم ترد...وهي تنتظر بفارغ الصبر، لحظة انفكاكها من أطواق العقوبات التي أنهكت اقتصادها، وجعلت نظامها مكشوفاً أمام غضب الشارع وجائحة كورونا.
 
هل يمكن للمشروع التحرري الفلسطيني أن يعتمد على "مواسم" المقاومة، التي تهب كل عقد أو أزيد قليلاً؟ ...هل يمكن الركون إلى "مقاومة" انتقلت منذ زمن إلى الموقع الدفاعي، وكفت عن أداء وظائفها الاستنزافية الكفيلة برفع كلفة الاحتلال توطئة لكنسه؟ ...ثم، إن كانت المقاومة الشعبية، هي الخيار التي توافق عليه الفلسطينيون باعتباره الأقل كلفة عليهم وعلى "صمودهم فوق أرضهم"، فهل يمكن النظر إلى هذا المحور بوصفه "معقد الآمال"؟
 
لا أقترح أبداً قطيعة مع هذا المحور، بل أفضل العلاقات، على ألا تكون ارتهاناً واستتباعاً، أو على حساب علاقات مع محاور وعواصم أخرى، من بينها دول عربية، ومن بينها "المحور التركي" كذلك، وأن تظل أعيننا شاخصة صوب الحركات الشعبية العربية، وحركات التضامن والكفاح ضد العنصرية في العالم، فتلكم دوائر للحركة والتحرك، ستعطلها لا محالة، أية محاولة للتماهي مع "المحور" إياه...فلسطين أيها السادة، فوق المحاور، ولا يليق بها أن تُستتبع لأي كان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قضيتان للنقاش 22 قضيتان للنقاش 22



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
المغرب اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib