الفلسطينيون من الفصائلإلىالمنصات

الفلسطينيون... من "الفصائل"إلى"المنصات"

المغرب اليوم -

الفلسطينيون من الفصائلإلىالمنصات

بقلم : عريب الرنتاوي

أدخلت المعارضات السورية مصطلحاً جديداً إلى قاموس العمل السياسي العربي المعارض: “المنصة” ... لم أسمع بهذا التعبير من قبل، في وصف فصيل أو مجموعة من الفصائل المؤتلفة ... هناك “منصة القاهرة “أسسها هيثم منّاع، و”منصة إسطنبول” للمجلس الوطني ومن بعده الائتلاف، و”منصة الرياض” التي تجمع طيفاً من عدد من المنصات، و”منصة حميميم” للمنشقين عن هيئة التنسيق والمجتمع المدني، وأخيراً أعلن عن “منصة بيروت” على يد لؤي حسين ... المعارضات تحولت إلى مجموعة من المنصات المتنافسة، وأحياناً المتحاربة.

قبلها كان الفلسطينيون أدخلوا مصطلح “الفصيل” أو “الفصائل”، وربما يكونون اشاعوا المصطلح فارتبط بهم وبحركتهم الوطنية أكثر من غيرهم (لا أدري) ... إذ يندر أن تقول أحزاباً فلسطينية، وغالباً ما يقال فصائل فلسطينية، وعمل فصائلي و”فصائلية كريهة”في إشارة إلى النزعة الفئوية الأنانية الضيقة ... وعندما كانت القيادة الفلسطينية تجتمع مع الحركة الوطنية اللبنانية في بيروت قبل العام 1982، كان يقال اجتماع الفصائل والأحزاب، فتعرف مباشرة أن المقصود الفصائل الفلسطينية وأحزاب الحركة الوطنية اللبنانية.

اليوم، ثمة إرهاصات دالّة على دخول العمل الوطني الفلسطيني عتبة جديدة، عنوانها التحول من “الفصائل” إلى “المنصات” ... هناك تحضير كثيف لاجتماع (مؤتمر) ينظمه العقيد المنشق محمد دحلان في القاهرة، تحت اسم فتح وشعارها وراياتها ... الأرجح أننا سنتحدث من الآن فصاعداً، عن “منصة القاهرة” للمعارضة الفلسطينية ... وهناك مؤتمر كبير سيعقد لمندوبين عن فلسطينيي الشتات في إسطنبول، ستقاطعه فتح والمنظمة بوصفه مؤتمراً فصائلياً وليس وطنياً (في إشارة لغلبة اللون الحمساوي على المؤتمر)، فضلاً عن اتهامات للقائمين عليه بالسعي لخلق إطار بديل وموازٍ لمنظمة التحرير الفلسطينية ... من الآن فصاعداً سنتحدث عن “منصة إسطنبول” للمعارضة الفلسطينية.

وكما في تجربة المعارضات السورية ومنصاتها المختلفة، فإن المعلومات تؤكد أن “منصة القاهرة” الفلسطينية، تلقى دعماً متحمساً من دولتين عربيتين على الأقل (مصر الدولة المضيفة والإمارات الدولة الممولة)، كما أنه يلقى تعاطفاً من دولتين أخريين، لم تثبت حتى الآن صحة الإشاعات بشأنهما: الأردن والسعودية، ليكتمل بذلك عقد “الرباعية العربية”.

أما “منصة إسطنبول”، فالمؤكد أنها مدعومة من الدولة الحاضنة للمؤتمر وحماس وللجماعة الإخوانية الأم: تركيا ... أما التمويل فيأتي من قطر التي تستضيف بدورها قيادة حماس وقيادات إخوانية مصرية وعربية، والأب الروحي للجماعة الشيخ يوسف القرضاوي ... في مشهد يحاكي تجربة الجناح الإخواني في المعارضة السورية.

وإن استمرت الحال على هذا المنوال، فإن فصائل المقاومة في سوريا، ستحظى باسم “منصة دمشق” ... وربما نكون أمام “منصة رام الله” و”منصة غزة” ... الشتات الفلسطيني القديم، كما الشتات السوري المستجد، يسمح بتعدد “المنصات” واختلافها واصطراعها، مثلما يسمح بتعدد “الرعاة” والحواضن الإقليمية.

في التجربة السورية، ثمة نظام استبدادي نجح في تخليق معارضات شتى ... مشكلة منصات المعارضة الفلسطينية، أنه لا يوجد نظام ولا توجد سلطة ... الجميع مطاردون بسيوف العدوان واللجوء والحصار ... في التجربة السورية، أفضى تعدد المنصات والرعاة، إلى تسجيل أكبر فشل في تاريخ أي ثورة أو معارضة في العالم، وفي زمن قياسي استثنائي ... في الحالة الفلسطينية الفشل قائم، وإن كان عرضة للتجديد والتمديد والتوريث.

“منصة القاهرة” بزعامة دحلان، تسعى في خلق كيان موازٍ لفتح، كبرى الفصائل الفلسطينية والعمود الفقري للسلطة والمنظمة ... أما منصة القاهرة، فتسعى في خلق كيانٍ موازٍ لمنظمة التحرير الفلسطينية، تحت شعار تجميع الجهود وحشد الطاقات وتفعيل الاغتراب واللجوء الفلسطينيين...التقاء المنصتين أمرٌ محتمل، وثمة شواهد على غزل متبادل، تحت جنح المساعدات الإنسانية “الجليلة” وبحجة معبر رفح.

في كلتا الحالتين، ما كان لهاتين المنصتين أن تظهرا إلى حيز الوجود لو أن فتح بخير والمنظمة كذلك .... فشل فتح في تحديد موقعها: أحزب هي أم سلطة أم حركة تحرر وطني، وفشلها في تجديد شبابها واستعادة حضورها كحركة مقاومة، يسمح حتى لمحمد دحلان وبعض رعاته، التفكير بتخليق بدائل وكيانات موازية ... وفي حالة منصة إسطنبول”، فإن الغيبوبة التي ضربت منظمة التحرير وغيبتها المديدة عن شعبها، خصوصاً في المهاجر والمغتربات وعوالم اللجوء القسري، أفسح في المجال أمام حماس، ورعاتها الإقليميين، التفكير بالمزاحمة والمنافسة والسعي لخلق البدائل والكيانات الموازية ... لذا، ليس من حق فتح ولا المنظمة، اللتين ارتضتا الغياب والتغيب، أن تزمجرا غضباً وتنديداً بهذه المحاولات المشبوهة على حد وصفهما.

قادمات الأيام، ستحمل المزيد من المنصات ... ربما تكون “منصة بيروت” هي الأقرب للخروج إلى حيز الوجود، فـ “القوم” هناك، ليسوا سعداء بحماس ولا رعاتها، ولا هم من المعجبين بالدحلان ورعاته، والمؤكد أن عباس وفريقه، لا يُسعدان هؤلاء، فلماذا لا يفكرون في تخليق منصة جديدة على مقاس طروحاتهم الفكرية والسياسية وتحالفاتهم الإقليمية كذلك.

إن استمرت حال الفلسطينيين هكذا، ستتحول بقايا الفصائل وهياكلها المتراخية والمتآكلة، إلى مجموعة من “المنصات” على طريقة المعارضة السورية، وربما سيحتاجون إلى مسار “أستانا” جديد، إن هم قرروا التحاور حول أي شأن يخصهم ... بئست الحال التي انتهت إليه أنبل وأشرف حركة تحرر وطني عرفتها البشرية في النصف الثاني من القرن المنصرم.

المصدر: الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطينيون من الفصائلإلىالمنصات الفلسطينيون من الفصائلإلىالمنصات



GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:17 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:18 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:24 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

ياسمين خطاب تطلق مجموعة جديدة من الأزياء القديمة

GMT 16:53 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "الرجاء البيضاوي" يهدد بالاستقالة من منصبه

GMT 00:35 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

أسعار ومواصفات هاتف أسوس الجديد ZenFone AR

GMT 01:34 2016 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

باي الشوكولاطة الشهي

GMT 07:04 2017 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

القطب الشمالي يعدّ من أروع الأماكن لزيارتها في الشتاء

GMT 22:53 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المغربي ينجح في اختراق جرائم العصابات المنظمة

GMT 23:47 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلى علوي تستعيد ذكرياتها في الطفولة في "صالون أنوشكا"

GMT 06:26 2016 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

عبود قردحجي يُؤكِّد أنّ 2017 ستكون مختلفة لمواليد "الجدي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib