العشرون من أيلول  «شـرف الصندوق» أولاً

العشرون من أيلول ... «شـرف الصندوق» أولاً

المغرب اليوم -

العشرون من أيلول  «شـرف الصندوق» أولاً

بقلم : عريب الرنتاوي

يختلف الأردنيون على ماهية النظام الانتخابي الذي يريدون، ولم يتحقق إجماعهم بعد، على قانون انتخاب جديد، والأرجح أن أمراً كهذا سيظل متعذراً حتى إشعار، فقانون الانتخاب بحكم طبيعته، جدلي للغاية، ومثير للانقسام، بالنظر لتضارب مصالح مختلف الفئات والشرائح والاتجاهات السياسية التي يخاطبها القانون ... لكن، وبصرف النظر عن الخلاف حول ماهية القانون الانتخابي، فإن إجماع الأردنيين متحقق حول الحاجة لتوفير أعلى الضمانات لنزاهة الانتخابات وحيادية مؤسسات الدولة حيالها، وشفافية العملية الانتخابية.

وعلى الرغم من الإجراءات الهامة التي اتخذت منذ انتخابات العام 2007، والتي جري وصفها بـ “الأسوأ” منذ استئناف المسار الحزبي – البرلماني في البلاد عام 1989، من نوع: تشكيل الهيئة المستقلة للانتخاب، والسماح بالمراقبة الدولية والمحلية على العملية الانتخابية، إلا أن الكثير من الشكوك، ما زالت تساور الكثير من الأردنيين، حول نزاهة العملية الانتخابية، فحيثما تذهب أو تحل وترتحل في طول البلاد وعرضها، تسمع عبارة: “اللي بدها إياه الدولة بنجح”.

ثمة جهد كبير يجب أن يبذل من قبل مختلف الأطراف ذات الصلة، حكومية وأهلية، من أجل إعادة الثقة بصندوق الاقتراع، إذ حتى بوجود أفضل الأنظمة الانتخابية وأكثر القوانين الانتخابية حداثة وعصرية في العالم، لا قيمة للانتخابات، ولا للمؤسسات المنبثقة عنها، طالما أن ثمة إحساس دفين، يعتمل في صدور المواطنين وعقولهم، بأن “شيئاً ما” قد وقع، مكّن فلان وحال دون علان من الوصول إلى القبة.

إن لصندوق الانتخاب “شرف” يجب الحفاظ عليه، فإن انتهك مرة واحدة، هيهات أن يستعيد صدقيته، واستتباعاً وظيفته، في التعبير عن الإرادة الجمعية للمواطنين، وترجمة أشواقهم وتطلعاتهم... لا فرق هنا إن جرت الانتخابات بقانون الصوت الواحد، سيء الذكر، أو بأفضل القوانين الانتخابية في العالم، فما بالك إن وقع الانتهاك مرات متكررة، وإن عمّت القصص وانتشرت الحكايات عمّا حصل في هذا المركز، وكيف صوت “الأميون” في ذاك، ومن المسؤول عن “النقل الجماعي” للأصوات، وغير ذلك من أمثلة ونماذج، يتداولها الناس وتلوكها الألسن.

وتعبير “شرف صندوق الاقتراع” ليست من اختراعنا نحن، فقد سمعته لأول مرة في القصر الجمهوري في أنقرة، بحضور أكثر من خمسة وثلاثين قيادياً إسلامياً من العالم العربي، على لسان مستشار الرئيس التركي عبد الله غول للشؤون العربية يومها، إذ قال في معرض استعراضه لبعض فصول الحياة السياسية التركية منذ الجمهورية، إن تركيا نجحت في الحفاظ على “شرف صناديق الاقتراع” برغم تناوب السياسيين والجنرالات، وتعاقب الانتخابات والانقلابات على البلاد، ما أبقى نافذة الأمل بالتغيير، مفتوحة باستمرار، وما عزز فرص تطور الحياة السياسية التركية.

في العشرين من أيلول المقبل، سيكون الأردنيون على موعد مع استحقاق انتخابي جديد، بقانون جديد، لم يفهمه الكثيرون بعد، بمن فيهم، قادة بعض الأحزاب السياسية، وهو قانون مغاير للصوت الواحد، ومتقدم عليه، وإن بخطوة قصيرة للأمام، لا أكثر ولا أقل ... لكن الأردنيين سيتجهون للصناديق وفي ذاكرتهم، قصص الانتهاكات المتكررة لـ “شرف الصندوق”، ومخاوف من تكرار الأمر مجدداً، وهذا تحدٍ يجب أن يحظى بالأولوية لدى الحكومة والهيئة والمجتمع المدني والإعلام، من أجل تبديده، إذ من دون أن يثق المواطن بأن أحداً لن يكون بمقدوره الاعتداء على “صوته” أومصادرته وتجييره، فلن تكون للانتخابات قيمة من أي نوع، بل وقد تصبح وسيلة لإشاعة اليأس والإحباط حيال فرص الإصلاح والتجديد والتغيير.

ليست لدينا أوهام حول “تشكيلة” البرلمان الجديد مغايرة لما سبقه من برلمانات الصوت الواحد، فالقانون الناظم للانتخابات، مصمم بغرض الحيلولة دون تشكل كتل كبيرة وأغلبيات وأقليات برلمانية وازنة، وقد فات الأوان على مناقشة هذه المسألة أو تغيير هذه الحقيقة ... لكننا نأمل أن تتظافر جهود مختلف الأطراف ذات الصلة، فيما تبقى من وقت حتى موعد الاستحقاق، من أجل ضمان أعلى درجات ومعايير نزاهة الانتخابات وشفافية العملية برمتها، وإعادة الاعتبار لـ “شرف صندوق الاقتراع”، وتكريس مكانته في وعينا و “لا وعينا” بوصفه الطريق الرئيس للإصلاح والتغيير، والوسيلة الأنجعل انتاج وإعادة انتاج الطبقة السياسية الأردنية، والإطار الذي تختبر فيه التعددية الأردنية، وتوّزن بواسطته، أحجام القوى والأحزاب والتيارات المختلفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العشرون من أيلول  «شـرف الصندوق» أولاً العشرون من أيلول  «شـرف الصندوق» أولاً



GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:17 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:18 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 03:28 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

يستقبل الرجاء الكوديم والوداد يواجه الفتح

GMT 03:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تواركة يعمق جراح شباب المحمدية

GMT 08:39 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها

GMT 02:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تسعى لشراء قمح في ممارسة دولية

GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 00:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

دبي تعلن عن أكبر صفقة عقارية هذا العام بأكثر من 137 مليون دولار

GMT 15:58 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يسدد ديون الضمان الاجتماعي

GMT 06:55 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل بروتين لشعرك من "المواد الطبيعة"

GMT 01:31 2023 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

آرون رامسديل يتعرض للانتقادات في آرسنال

GMT 20:41 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

غرف نوم باللون التركواز
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib