من يرغب في قتال «داعش»

من يرغب في قتال «داعش»؟

المغرب اليوم -

من يرغب في قتال «داعش»

عريب الرنتاوي


وزير الدفاع الأمريكي “أشتون كارتر” اتهم الجيش العراقي بـ “عدم الرغبة في قتال داعش”، تصريح أثار غضب رئيس الوزراء وعدد من المسؤولين العراقيين ... الاتهام ذاته، وجهه الجنرال الإيراني قاسم سليماني، ولكن للولايات المتحدة هذه المرة، حين قال إنها “لم ترغب في قتال داعش في الرمادي” ... من يرغب في قتال داعش إذاً، وكيف يمكن الانتصار في الحرب على الإرهاب، وهل تكتفي “الأطراف” بتوجيه الضربات الجوية للتنظيم الأكثر شراسة ودموية من بعيد؟ حتى الآن، لم تظهر جيوش المنطقة النظامية، أية “بسالة استثنائية” في مواجهة التنظيم ... الجيش السوري، أكثر جيوش دول الأزمات تماسكاً، لم يخض معارك فاصلة مع التنظيم حتى الآن، حيث مُني بخسائر جسيمة في الصراع على حقل الشاعر النفطي الغني، وانسحب من تدمر على نحو منظم من دون قتال المستميت ... الجيش العراقي مُني بنكستين، وليس بنكسة واحدة، الأولى في الموصل والثانية في الرمادي، العرب احتاجوا ست سنوات للاستيقاظ من هول “نكسة حزيران”، فكم سنة سيحتاج الجيش العراقي للاستيقاظ من نكستيه؟ القوى التي تقاتل داعش والسلفية الجهادية بضراوة واستبسال، هي في الغالب من “ذات الطبيعة”، المليشيات الشيعية في العراق المسماة بقوات “الحشد الشعبي” باتت رأس حربة الدولة العراقية والتحالف الدولي في الحرب على داعش، حتى أنها باتت تحتاج إلى “طلب استرحام” و”نداءات استغاثة عاجلة” للتقدم على خطوط القتال في الحصيبة والرمادي، وبعد أن رفعت واشنطن الفيتو المشهر في وجه مشاركتها في الحروب والمعارك في المحافظات الغربية (السنيّة) ... دوافع الحشد وداعش من طبيعة واحدة: قوى دينية مذهبية متطرفة، مدججة بالعقائد والإيمانيات والغيبيات. في سوريا، لولا حزب الله وبعض المليشيات المذهبية الشيعية لما أمكن للنظام الاحتفاظ حتى الآن، بثلث (البعض يقول ربع) الأراضي السورية المتبقية ... معارك من طبيعة استراتيجية كسبها النظام، بدعم مباشر من قوى دينية، مدججة بالعقائد، مع أن الجيش السوري بحكم تعريفه، هو جيش عقائدي، ولكن شتان بين ما كانت عليه العقيدة وما آلت إليه، وشتان كذلك، بين عقيدة تحتقر الحياة وتستعجل الموت، وأخرى تتطلع لـ “جنة الله على الأرض”؟ لعلها مفارقة جديرة بالاهتمام، أن نرى الهزيمة الأكبر التي مني بها تنظيم داعش إنما جاءته من عين العرب –كوباني، وعلى أيدي المقاتلين الأكراد السوريين، مدعومين ببعض وحدات البيشمركة والمتطوعين... كوباني كانت درساً قاسياً لداعش، لم تتلق مثله حتى الآن من قبل أي من خصومها ... على المقلب الآخر، يلعب أكراد العراق دوراً مهماً في التصدي لداعش ويحققون مكاسب على الأرض، مدعومين بالتحالف الدولي ... المعارك الأولى للبيشمركة مع التنظيم كانت أقرب للفضيحة، إذ بعد سنوات طويلة من الاستقرار في سدة الحكم في الإقليم، تحولت البيشمركة إلى ما يشبه الجيش النظام من شاكلة وطراز الجيوش العربية، لكن إحساس الأكراد بان مكتسبات صراعهم التاريخي في سبيل تقرير المصير قد تتبدد بين عشية وضحاها، أيقظ شعوراً وطنياً عارماً في أوساطهم، وأعاد للبيشمركة روحها الكفاحية، حتى أن قادتها اضطروا لاستدعاء المقاتلين القدامى للوقوف على خطوط القتال الأمامية، إلى أن أمكن استرجاع الأنفاس ولملمة الصفوف من جديد ... البيشمركة تقاتل اليوم بصورة أفضل من الجيش العراقي النظامي الجديد. في اليمن، لم يسجل الجيش أية انشقاقات رئيسة، وهذه مفارقة مهمة، مع أنه يوصف في إعلام “عاصفة الحزم” بجيش المخلوع علي عبد الله صالح ... لم نسمع عن جيش يمني آخر يقاتل دفاعاً عن “شرعية هادي” أو من أجل إعادته إلى ملكه السعيد في اليمن غير السعيد ... وحين جيء على ذكر الجيش في مؤتمر الرياض للحوار اليمني، جرت الدعوة لإنشاء جيش وطني جديد، أي أن الجيش القديم ما زال على ولائه للمخلوع، أو هكذا يقال ... بصرف النظر عن هذه التفاصيل غير المملة ولكن غير المرتبطة بموضوعنا اليوم، فإن الفضل في “صمود” اليمن والجيش إنما يعود لميليشيا الحوثيين وأنصار الله، ولولاها لما أمكن لجيش اليمن أن يظل باسطاً سيطرته على معظم أراضي اليمن، برغم ألوف الطلعات الجوية للتحالف السعودي، وبرغم المليشيات واللجان والقاعدة التي تحارب من الخندق المقابل ذاته تقريباً. في الحروب الحديثة، يلعب السلاح والتكنولوجيا والأجيال الحديثة من أدوات الحرب والدمار، دوراً مهماً في تقرير مصير الحرب وحسم نتائجها ... لكن مع ذلك، فإن الروح المعنوية والعقيدة القتالية للجندي والضابط والمقاتل تظل مع ذلك، هي العنصر المقرر في ميادين القتال وساحات الحروب ... أمس كان رئيس الحكومة العراقية يقول للإذاعة البريطانية، إن انتحاري داعش كان يجلس خلف مقود شاحنة مفخخة بألوف الكيلوغرامات من المواد شديدة الانفجار، أي ما يعادل قنبلة نووية صغيرة ... من يجلس على قنبلة نووية، لا يمكن أن يكون مجرد مقاتل أو جندي، وهنا تسقط المقارنة بين أعداد الجنود والمقاتلين وتفقد فحواها ... هنا يبرز الفارق بين مقاتل مدجج بعقيدة، حتى وإن كانت من النوع الفاسد والشرير كتلك التي يحقن بها مقاتلو داعش، وجندي ينتظر نهاية الشهر بفارغ الصبر لتلقي راتبه المتواضع غالباً. جيوش قديمة أفسدتها أنظمة الفساد والاستبداد، وفرّغت عقيدتها القتالية من كل مضمون، وجيوش جديدة أقرب ما تكون لعصابات المرتزقة وشركات الحماية الأمنية ... أما القتال الحقيقي فقد صار حكراً على المليشيات الدينية والقومية المدججة بعقائد فوّارة، وروح معنوية عالية، ما يجعل المعارك القادمة أكثر دموية وضراوة، والحروب أكثر كلفة وتدميراً وأطول أمدا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يرغب في قتال «داعش» من يرغب في قتال «داعش»



GMT 15:55 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الروس قادمون حقاً

GMT 15:52 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... أخطار الساحة وضرورة الدولة

GMT 15:49 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

زحامٌ على المائدة السورية

GMT 15:47 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

روبيو... ملامح براغماتية للسياسة الأميركية

GMT 15:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

سوريا قبل أن يفوت الأوان

GMT 15:43 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

البعد الإقليمي لتنفيذ القرار 1701

GMT 15:40 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

نقمة.. لا نعمة

GMT 15:34 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ابعد يا شيطان... ابعد يا شيطان

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib