سوريا معارضة معتدلة و لكنّها مسلّحة

سوريا... معارضة معتدلة و لكنّها مسلّحة

المغرب اليوم -

سوريا معارضة معتدلة و لكنّها مسلّحة

سوريا... معارضة معتدلة و لكنّها مسلّحة
بقلم: توفيق بن رمضان

نسمع هاته الأيّام المتحالفين ضدّ سوريا يتحدّثون عن حماية المعارضة التّي درّبتنا و سلّحتها الولايات المتّحدة الأمريكيّة، و من المفارقات الغريبة و العجيبة أنّ تدريبهم و تدخّلاتهم تتمّ على أراضي دول عربيّة مجاورة لسوريا، و قد أطلق الإعلام الغربي المتصهين على المسلّحين اسم المعارضة المعتدلة، و طبعا إعلامنا التّابع، إعلام تبّع، تبنّى هذا الاسم و أصبح يتداوله في أغلب المنابر الإعلامية العربية، فالسّواد الأعظم من الإعلاميّين عندنا مثل الببّغاوات يعيدون ما يلقنّونهم دون تمحيص و تثبّت، فالقائمين على الإعلام الغربي المتصهين يضعون المصطلحات و إعلامنا العميل و المأجور يلوكها و يعيدها و يتبنّاها بكلّ غباء و حمق، فكيف لمعارضة معتدلة أن تكون مسلّحة، ما هذا الحمق و الغباء؟ فالمنطق يقول بمجرّد أن يرفع أي معارض السّلاح في وجه دولته فهو يتحوّل إلى مجرم متطرّف و إرهابي، و كلّ هذا الصنف من المعارضات هم خونة و عملاء، يحوّلون إلى أدوات تستعمل في تنفيذ الأجندات الصهيو-غربيّة في الهيمنة و السّيطرة على دولهم و شعوبهم من أجل إخضاعها و نهب ثرواتها و مقدّراتها، و يقولون عنهم أيضا أنّهم مقاتلون من أجل الحرّية، و هل توجد حرّية في باقي دول العالم؟ طبعا لا، وإذا لمذا التّركيز على دول العالم العربي؟ بل هل هناك حرّية حقيقيّة في دول الغرب و إسرائيل؟ إنّ القتال من أجل الحرّية و التّحرّر يكون ضدّ الغزاة و المحتلّون، أمّا المطالبة بالحرّية في الأوطان لا يكون بالقتال و السّلاح، بل يكون بالعمل السّياسي السلمي الدّءوب و المتواصل دون اللّجوء للعنف و الفتنة و الاقتتال.
 
لا شكّ أنّ الأعراف و المواثيق في كافة أنحاء العالم و طبعا في دول الغرب تقول أنّ كلّ من يرفع السّلاح ضدّ دولته و جيشه لا بدّ أن يتمّ التّعامل معه بالسّلاح دون شفقة و لا رحمة، فهل تريدون من الجيش السّوري أن يستقبل المعارضة المسلّحة و المرتزقة بالورود؟ و من جهة أخرى سؤال يسأل للغرب المتصهين، و على رأسهم زعيمتهم أمريكا التّي استعبدتهم و صادرت قراراتهم، و سطت على كامل الدّول الأروبيّة بعد الحرب العالمية الثّانية، أقول لكم هل ستقبلون أن تسلّح بعض الدّول العربيّة معارضاتكم؟ و هل ستقبلون من باقي دول العالم أن تدعم و تحمي العصابات و المعارضات المسلّحة عندكم؟ إنّه الكيد و التّآمر على دولنا، فكلّما حاولت الشّعوب العربيّة الوقوف و النّهوض و التّحرر تجهضون محاولاتهم المتتالية، و هذا التآمر متواصل منذ عدّة قرون، فقد احتلّوا دولنا سابقا بدعوات التّحرّر من العثمانيين، و اليوم يدمّرون و يستنزفون العالم العربي بدعوات الدّيمقراطية و حقوق الإنسان، فقد أصبحت اللّعبة مكشوفة و كلّ النّفاق الغربي في المنابر الإعلامية و الخطابات السياسية لقادتهم عن الحرّية و الديمقراطية هي مؤامرات مفضوحة، إنّهم يروّجون و يدّعون أنّهم يدعمون الدّيمقراطية و التّحرّر في العالم العربي، و لكن عندما ينتخب طرف غير مرغوب فيه يهدّد مصالحهم ينقلبون عليه و يحاصرونه، و قد فعلوا هذا مع حماس في غزّة و مرسي في مصر و قد فعلوها سابقا مع مصدّق في إيران و في العديد من دول أمريكا الجنوبية و إفريقيا، إنّها الكذبة الكبرى و النّفاق الأعمى المفضوح لساسة الغرب المتصهين المتعطّش للهيمنة و السّيطرة.
 
 و لكن المصيبة أنّهم في كلّ مرّة يتمكّنون من اختراق دولنا و مجتمعاتنا بسهولة، لأنّ بعض البسطاء من المتثاقفين و العملاء من السّياسيين العرب ينخرطون بغباء في هاته الألاعيب و المؤامرات التّي تحاك ضد أوطانهم و شعوبهم، و هذا ما حصل في العراق و سوريا و ليبيا و في العديد من الدّول العربيّة الأخرى، و كما قال أحدهم "يجب إعداد 10 رصاصات... واحدة للعدو و الباقي للعملاء و الخونة من بنوا جلدتنا"، و لو لا الخونة و العملاء من الذين يزعمون أنّهم نخب سياسية لما وصلنا إلى ما نحن عليه من دمار و فتنة و تناحر و اقتتال، و يزعمون أنّهم نخب و في الحقيقة هم لم ينتخبهم أحد، بل هم مجنّدون من الدوائر الإستخباراتية الصهيو-غربية، تصدر لهم الأوامر من أسيادهم و توكل لهم أدوار و مهمّات يقومون بها بمقابل مالي أو بوعود في السّلطة و الحكم.
 
حقّا لو لا الخونة و العملاء من المرتزقة العرب لما تمكّن الغرب المتصهين من اختراق أمّتنا و النّجاح في ما ألحقه من دمار في دول العالم العربي، و لما تمكّن من تنفيذ أجنداته التّي عجز على تنفيذها منذ عشرات السنين رغم كلّ الدّعم و التّعاون مع بعض العملاء من القادة العرب و الصهاينة في إسرائيل، و رغم تدخّلاته المباشرة بالأموال و الجيوش في حروبه على العراق و أفغانستان، حقّا لقد حقّق العملاء و الخونة من الثورجيّين الأغبياء و الحمقى للغرب و الصّهاينة ما لم يحلموا بتحقيقه منذ عدّة عقود، رغم تدخّلاتهم العسكرية و رغم كلّ ما أنفقوه من أموال طائلة على حروبهم المباشرة و الخفية في العراق و أفغانستان و كامل المنطقة العربيّة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا معارضة معتدلة و لكنّها مسلّحة سوريا معارضة معتدلة و لكنّها مسلّحة



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib