ماذا لو كان الجبن السياسي هو السبب

ماذا لو كان الجبن السياسي هو السبب؟

المغرب اليوم -

ماذا لو كان الجبن السياسي هو السبب

بقلم ـ توفيق بو عشرين

مساء الثلاثاء كان مليئا بالتعليقات السياسية على قرار الملك محمد السادس طرد أربعة وزراء من الحكومة، وإعدام خمسة وزراء آخرين سياسيا بتجريدهم من حق تولي أي منصب في المستقبل، وإقالة جنرال الماء والكهرباء، الفاسي الفهري، الذي عمر في منصبه أكثر من 15 سنة… الناس البسطاء فرحوا بهذا القرار حتى دون أن يدققوا في طبيعته وخلفياته والحدود التي وقف عندها. الجمهور متعطش لأن يرى أن في بلاده حسابا وعقابا، وأن يشعر بأن الكبار أيضا يمكن أن يطالهم سيف المحاسبة على السلطة التي يتمتعون بها، فمادام صندوق الاقتراع لا يقوم بهذه المهمة كل خمس سنوات، فلا مانع من أن يقوم بهذا الدور الملك، الذي بدا غاضبا منذ الصيف الماضي على النخبة السياسية والإدارية لمملكته، خاصة بعد صدمة الريف التي كشفت حجم المعاناة والتهميش والحكرة التي يشعر بها المواطنون في بلاد شعارها الثاني هو سياسة اللاعقاب.

بيان المجلس الأعلى للحسابات، الذي تلاه إدريس جطو أمام الملك بالقصر الملكي في البيضاء، مليء بالبياضات، ولا يعرف إلا القليلون لماذا استثنى الرؤوس الكبيرة من المحاسبة، ووقف عند الحلقات الضعيفة فقط، أو التي لم تعد لها قيمة في المشهد السياسي أو الإداري… كما أن تقرير جطو لم يخبرنا عن مسؤولية الزمن السياسي الذي ضاع من عمر مشروع منارة المتوسط، والمقصود هو الستة أشهر التي توقفت فيها كل المشاريع بقرار من وزارة الداخلية، حتى لا توظف في الحملات الانتخابية السابقة لأوانها، وكذا الستة أشهر التي ضاعت في البلوكاج الحكومي الذي شل عمل الوزراء في إطار حكومة تصريف الأعمال.

خبر الزلزال السياسي، الذي ضرب رؤوس الوزراء وبعض المسؤولين في الإدارة، كان له وقع مختلف في قاعة الجلسات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، التي كانت تنظر في ملف معتقلي الريف، حيث تعالت الصيحات المرحبة بهذا القرار، الذي رأى رفاق الزفزافي أنه واحد من إنجازات حراكهم، ودليل إضافي على براءتهم من التهم الموجهة إليهم، فلولا خروجهم إلى الشارع، وصمودهم طيلة سنة من الاحتجاجات السلمية، لما انتبهت الدولة إلى الأعطاب التي تعرفها المشاريع التي يعطي الملك انطلاقتها في الأركان الأربعة للمغرب. بهذا المعنى، فإن إدانة الوزراء الحاليين والسابقين في مشروع منارة المتوسط، وترتيب الجزاء على تقصيرهم، يعدان بمثابة براءة للمعتقلين القابعين في السجون منذ أشهر عديدة.

بيان 24 أكتوبر ليس زلزالا سياسيا مكتملا.. إنه، في أفضل الحالات، مؤشر على احتمال بداية زلزال سياسي يهز المملكة من غفوتها، ويوقظ السلطة من سكرتها، و«يفعفع» النخبة السياسية النائمة، ويذكر الجميع بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وبمخاطر الاستسلام لمخططات الإجهاز على الديمقراطية والمصداقية والنزاهة… سمعت من أكثر من وزير ممن شملهم الغضب الملكي أنهم لم يعرفوا بمضمون الاتفاقية الإطار، التي وقعوها أمام الملك في 18 أكتوبر 2015 بتطوان، حتى وضعوا أرجلهم في القصر الملكي بتطوان، وأنهم لم يتوصلوا بنسخة من هذه الاتفاقية حتى مرت أشهر عديدة على تاريخ التوقيع عليها، وأن بعضهم اتصل وهو في الطريق برئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، يسأله عن مضمون الدعوة التي وجهت إليه للالتحاق بالقصر الملكي لتوقيع اتفاقية مهمة، فكان جواب بنكيران: «الله أعلم». سمعت دفوعات كثيرة من الوزراء الذين وقعوا على هذه الاتفاقية، والذين لا يعرفون، إلى الآن، كيف نزلت فجأة، ومن وضع تفاصيلها، لكن، في كل مرة كان يتبادر إلى ذهني سؤال بسيط لا أسأله لهؤلاء، لأني أعرف الإجابة. هذا السؤال هو: لماذا وقعتم، أيها الوزراء، على اتفاقية أمام الملك وأنتم لا تعرفون مبتدأها من خبرها؟ ما الذي منعكم من أن تقولوا بأدب ولباقة: ‘‘لن نوقع على التزامات وميزانيات وأهداف حتى ندرسها ونتشاور في المجلس الحكومي حولها، ونبحث لها عن تمويل وآليات تنفيذ، وتواريخ محددة تنسجم مع البرنامج الحكومي، وتدخل في جدول عمل المجالس الحكومية’’؟ ما الذي كان يمنع من التدقيق في الأمر قبل أن تضعوا توقيعاتكم على اتفاقية بملايير الدراهم؟ كان الملك، الذي غضب عليكم اليوم، سيحترمكم أكثر ويقدر صراحتكم، ويعتبر أنكم لا تدافعون عن أنفسكم، بل تدافعون عن صورة القصر الذي يغطي هذا النشاط، وباسمه يسوق المشروع إلى المغاربة… الآن، على الجميع أن يتحمل المسؤولية، إذا لم يكن عن التقصير والبطء المفترض في العمل، فعلى الأقل عن الجبن السياسي الذي حال بينكم وبين أن تضعوا رئيس الدولة في صورة الحقيقة التي كانت أمامه.

الصعود والنزول من السلطة يشبهان لعبة Rodéo الأمريكية، حيث الصعود على ظهر الثور الهائج سهل، لكن البقاء فوقه طويلا صعب، والسقوط أصعب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا لو كان الجبن السياسي هو السبب ماذا لو كان الجبن السياسي هو السبب



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:31 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة

GMT 08:05 2022 الأحد ,20 آذار/ مارس

مطاعم لندن تتحدى الأزمات بالرومانسية

GMT 15:13 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

شاب يذبح والدته ويلقيها عارية ويثير ضجة كبيرة في مصر

GMT 12:02 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تعرفي علي اطلالات أزياء أمازيغية من الفنانات مغربيات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib