نصيحة القط للفأر

نصيحة القط للفأر

المغرب اليوم -

نصيحة القط للفأر

بقلم - توفيق بو عشرين

عندما أسمع إدريس لشكر وعزيز أخنوش وامحند العنصر ومحمد ساجد يتغزلون في الدكتور العثماني، ويمدحون أسلوبه وشخصيته وطريقة عمله وليونته… أتذكر تلك النكتة التي تقول: «إن قطا رأى فأرا يمشي فوق حبل معلق في السقف، فتطوع لنصيحته، فقال له: ‘‘احذر يا صديقي الفأر ستسقط من فوق الحبل.. انزل إلى الأرض، فهذا أسلم لك’’، فرد عليه الفأر بالقول: ‘‘بتلك النية تلقى الله’’».

إمبراطور الغاز في المغرب ذهب بعيدا في نظم الشعر في رئيس حكومتنا، ونصح جمهور الحمامة في مراكش بقراءة كتب الدكتور العثماني باعتباره مفكرا وعالما كبيرا. وبغض النظر عن رأي أخنوش في الإنتاج الفكري للعثماني، وما إذا كان الملياردير قد قرأ له شيئا مما كتبه، فإن المطلوب من سعادة وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، عوض أن يقيم المستوى العلمي لكتب العثماني، وجلها في هموم الإسلاميين وأعطابهم الفكرية وليست في هموم من سواهم.. على أخنوش أن يسمح بتقييم برنامج المخطط الأخضر، وبرنامج اليوتيس الذي صرف عليه المغرب أكثر من 10 ملايير دولار منذ انطلاقه قبل تسع سنوات، دون أن يكلف أحد في البلاد نفسه عناء الدعوة إلى تقييم موضوعي ومستقل لهذين البرنامجين اللذين أكلا كل هذه المليارات.

مديح لشكر والعنصر وأخنوش للعثماني فيه «تقطار الشمع» على بنكيران، والنفخ في جمر الخلافات الحاصلة بين تيارين في الحزب؛ «تيار الاستوزار» الذي يدافع عن المشاركة في الحكومة دون قيد أو شرط، وتيار بنكيران الذي لا يرى أن الحزب تعرض لزلزال كبير عندما جرى الانقلاب على نتائج الاقتراع، وأن المشاركة في الحكومة مربوطة بهدف مواصلة الإصلاح، وليست مربوطة بالخوف من رد فعل السلطة إذا خرج المصباح إلى المعارضة… لكن الارتياح الذي عبر عنه شركاء العثماني في لقاء تقديم الحصيلة (120 إجراء في 120 يوما وكأن الحكومة تشتغل 7/7، ولا تتوقف يوم السبت ولا الأحد وليست لها عطلة!).. هذا الارتياح حقيقي وليس مصطنعا، وأنا أصدق كل المشاعر التي تدفقت في لقاء الرباط على رأس الطبيب النفسي في غياب بنكيران الذي قاطع اجتماع الأغلبية، لكن السؤال الجوهري هو: ما هي أسباب سعادة الأحزاب الخمسة التي تشارك العثماني في خيمة الحكومة؟

السبب الأول، في ظني، هو أن لشكر وأخنوش وساجد والعنصر سعداء لأن العثماني قبل بهم في أغلبيته ضد إرادة حزبه، وأعطاهم فوق ما يستحقونه في حكومته، وهو ماض في تمكين أخنوش من وضعية «سوبر وزير» في حكومته.. وضعية لم تكن حتى لإدريس البصري في الحكومات السابقة، حيث كان بعض الوزراء الأولين، مثل المعطي والفيلالي واليوسفي، يرفضون أن يتحكم فيهم وزير يدعي أنه مبعوث القصر إلى الحكومة، وأنه الأقدر على فهم أفكار ونوايا الجالس على العرش.

السبب الثاني الذي يجعل الرباعي أعلاه ينط من الفرح، أن الخلاف والشقاق يزدادان داخل حزب المصباح وبين قادته مع كل يوم يقضيه العثماني في رئاسة الحكومة، وأن وحدة الصف التي كان المصباح يفتخر بها صارت من الماضي، وأن ما عجز خصوم الحزب عن تحقيقه، من اختراق للصف ولعب بالثقة وسط قادته، تتكفل به الحكومة الحالية… لذلك، لا يستطيع رباعي الفرح إخفاء سعادته بعملية التخريب الجارية في أكبر حزب بالمغرب.

السبب الثالث لسعادة أصدقاء العثماني في الأغلبية، يكمن في أن الدولة تأكل الشوك بفمه، وتحمله أوزارا لا يد له فيها، والدليل ما يجري من محاكمات سياسية لشباب حراك الريف، وما يقع من تراجعات حقوقية لم يكن أحد يتصور أنها تقع في ظل حكومة رئيسها من العدالة والتنمية، ووزارة لحقوق الإنسان على رأسها شخص مثل مصطفى الرميد، بنى كل مساره السياسي ومجده الشخصي في ساحة الدفاع عن حقوق الإنسان، وعن معتقلي الرأي، وعن الحق في التعبير والنشر والكلام.

السبب الرابع يتجلى في أن لشكر وأخنوش وساجد والعنصر راضون عن العثماني لأنه حول خسارتهم في سوق الانتخابات إلى ربح في بورصة الحكومة، وأنعش دكاكينهم السياسية التي أفلست، وقبل ببيع أصوات مليوني ناخب أعطوا ثقتهم للمصباح بثمن بخس، وأحيانا بلا ثمن، وكل ذلك من أجل فتح الطريق لعودة السلطوية على سجاد أحمر، إرضاء لنوازع شخصية، ومخاوف مرضية، وأوهام دعوية.

في الانتخابات الجزئية التي تجري حملتها الباهتة الآن في سطات، نقلت وسائل الإعلام حكاية معبرة من هناك، حيث اقترب مناضل من المصباح من شيخ قروي طالبا منه أن يمنح صوته للعدالة والتنمية، فرد عليه الشيخ بمرارة: «لقى فيكم الخير حتى بنكيران، عاد نلقاوه فيكم احنا».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصيحة القط للفأر نصيحة القط للفأر



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة

GMT 08:05 2022 الأحد ,20 آذار/ مارس

مطاعم لندن تتحدى الأزمات بالرومانسية

GMT 15:13 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

شاب يذبح والدته ويلقيها عارية ويثير ضجة كبيرة في مصر

GMT 12:02 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تعرفي علي اطلالات أزياء أمازيغية من الفنانات مغربيات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib