لا تتركوا الساحة لفكر التجهيل والعتمة

لا تتركوا الساحة لفكر التجهيل والعتمة

المغرب اليوم -

لا تتركوا الساحة لفكر التجهيل والعتمة

أسامة الرنتيسي
بقلم : أسامة الرنتيسي

 تختلف التقويمات حول أية مشكلة تقع في أي مكان في العالم  وتختلف المواقف، وتزداد المأساة الإنسانية التي تغزو تقارير الفضائيات وصور تحرق الأنفس، تذكرنا بحروب كنا وقودها في منطقتنا العربية، حصة شعبنا الفلسطيني هي الأبرز منها.

تشاهد في الأقل على شاشات الفضائيات ما خلفته الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وترى الزلازل التي حلت بمناطق القطاع عموما، فتكتشف أنها لا تختلف عما تعرضت له مدن وقرى سورية  بأيدي النظام البائد، فترى الدمار متشابها، والزلازل كأنها واحدة في المنطقتين.

هنا تحديدا؛ وحتى لا نشبه المجرمين، علينا أن لا نختلف على إدانة الحروب كلها، التي تُخلِّف وراءها مآسيَ لأناس ليس لهم ذنب، غير أنهم ناموا مطمئنين، واستيقظوا لاجئين مهاجرين. ندرك جيدًا أن منطقتنا العربية تمر بمرحلة من أشد مراحلها حِلكَة وسوادًا في تغييب العقل، والمنطق، والعلم، وانتشار الجهل بعناوين عريضة، لا تسيء فقط لعروبتنا وانسانيتنا، بل تسيء عن جهل وتقصُّد إلى حضارتنا التي فاخرنا بها الدنيا في فترات مضت.

منذ سنوات، والخطاب العربي الرسمي والشعبي، والفعل السياسي والإعلامي، وحياة الإنسان العربي، كلها واقعة في مستنقع التطرف، ومحاربة بلاد الكفر والإلحاد، ومتابعة “المقاتلين الجدد” من أفغانستان، إلى غزوات نيويورك، وما بينها من غزوات في مدن أوروبية أخرى، إلى أن ارتددنا إلى ساحاتنا العربية، في العراق والسعودية واليمن ومصر وسورية، ولم تَنجُ عمّان الآمنة من “غزوة الفنادق” التي ذهب ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى.

في سنوات داعش، زاد تغييب العقل أكثر وأكثر، وأصبحت بلاد الرافدين والحضارة الممتدة لآلاف السنين، والعراق الذي استثمر في الإنسان، تعليمًا وصناعة وحضارة، مختطفًا أيضا من قبل دعاة الجهل، وأصبح العقل العربي مُغيبًا، أمام أخبار الجماعات المتطرفة، وما يفعله مَن تبقى من عصابة مُرتزِقة “داعش” في العراق والشام التي تتكئ أيضا على آلاف السنين من الحضارة والمدنية والعلم والإنجاز، وهضمت حضارات كثيرة مرت على سهولها ووديانها وجبالها وإنسانها، ما يندى له الجبين، ويكشف عن أسوأ المراحل التي مرت بها حضارتنا. خطفتنا وسائل الإعلام الغربية بعناوينها المختلفة، وأجنداتها التي لا تُخفى على أحد، بأخبار وقضايا ثانوية، عن البعد الحقيقي لما يجري، ويُغيَّب العقل والفكر التقدمي لمصلحة منظومة غيبيات وفتاوى وأشكال من أناس يستحضرون أبشع ما عرفته البشرية ويلصقونه بأحداث في فترات سوداء من التأريخ الإسلامي.

نحتاج أكثر ما نحتاج إليه هذه الايام، إلى تغليب العقل في رؤية كل شيء، وتغليب الفكر العلمي المتقدم على فكر الطوائف والمِلَل، وتعظيم الوطنيات القومية والإنسانية والأممية في مواجهة فكر الانعزاليين.

نحتاج من مراكز الدراسات المحترمة أن تنشط لتفكيك العزلة عن العقل العربي المُغيَّب في غياهب تضر بحياتنا ومستقبلنا. نحتاج من مفكرينا أن ينشطوا أكثر هذه الأيام، لتعظيم الفكر العلمي التقدمي الإنساني، وألّا يتركوا الساحة لفكر التجهيل والعتمة.

نحتاج من مؤسسات الإعلام جميعها عدم الانحياز إلى اللغة الطائفية البغيضة، والفكر المنغلق التكفيري، بل إلى محاربته.

الدايم الله…

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تتركوا الساحة لفكر التجهيل والعتمة لا تتركوا الساحة لفكر التجهيل والعتمة



GMT 12:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 12:11 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 12:09 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 12:06 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 12:04 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 12:02 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 11:58 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

المشهد في المنطقة

GMT 11:56 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب أحَق بأن تعود

هيفاء وهبي تخطف الأنظار بحقائب صغيرة وتتصدّر أحدث صيحات الموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:38 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

منصة "يوتيوب" تطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
المغرب اليوم - منصة

GMT 10:02 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

إيران تؤكد أنه تم التواصل مع حكام سوريا الجدد
المغرب اليوم - إيران تؤكد أنه تم التواصل مع حكام سوريا الجدد

GMT 11:42 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نيللي كريم تمثل جسرًا بين الأجيال في الفن المصري
المغرب اليوم - نيللي كريم تمثل جسرًا بين الأجيال في الفن المصري

GMT 20:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية
المغرب اليوم - نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 15:55 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير "أياكس أمستردام" الهولندي تهاجم المغربي حكيم زياش

GMT 13:31 2013 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

قم بتصميم منزل له ديكورات هندية ساحرة

GMT 16:09 2012 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

"فيسبوك" تُحدِّث تطبيقها على "ويندوز فون"

GMT 01:50 2016 الخميس ,28 تموز / يوليو

باللسان أنت إنسان

GMT 06:57 2016 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

مراكش والزحف المتوحش / الجزء الثاني

GMT 05:29 2017 السبت ,20 أيار / مايو

ماغابت غا تادلة

GMT 23:38 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد السفرجل للصحة

GMT 21:47 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

جوزيه مورينيو يعلق على مواجهة سانت إتيان الفرنسي

GMT 11:38 2015 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

هيلاري كلينتون توبخ موظفة سابقة في الخارجية الأميركية

GMT 01:31 2017 الثلاثاء ,16 أيار / مايو

المنتج محمد محمود عبد العزيز ضيف شرف "طاقة نور"

GMT 11:25 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

أطباء مغاربة يُدشنون صفحة ينشرون فيها "فضائح" قطاع الصحة

GMT 04:13 2017 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

إيمان صلاح تؤكد انتشار سياحة ركوب الدلافين

GMT 23:05 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

سما المصري تؤكد حضورها مهرجان القاهرة السينمائي دون دعوة

GMT 12:50 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مواصفات وأسعار هاتف سوني Xperia™ M2 Dual‎ في المغرب

GMT 03:26 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

لاعب الوداد أشرف بنشرقي على رادار سبورتينغ لشبونة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib