مارك روته ومستقبل «الناتو»

مارك روته ومستقبل «الناتو»

المغرب اليوم -

مارك روته ومستقبل «الناتو»

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

يستدعي قرار «حلف شمال الأطلسي (الناتو)»، الأربعاء الماضي، اختيار رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، أميناً عاماً جديداً للحلف، خلفاً للأمين الحالي، ينس ستولتنبرغ، طرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل الحلف في قادم الأيام، لا سيما في الأوقات العصيبة الحالية، حيث سيف ديموقليس يهدد البشرية بشتاء دموي.

خمسة وسبعون عاماً هي عمر «الناتو» اليوم؛ فهل تراه يبلغ المائة، أم أن المتغيرات الإقليمية والدولية، ستعدل من أوضاعه، وتبدل من طباعه، وربما تأذن له بالانصراف؟

لعلها من متناقضات القدر، أنه قبل فبراير (شباط) 2022، اعتقد الجميع، لا سيما الجانب الأوروبي، أن «الناتو» مات «سريرياً»، وأن الوقت قد حان لتشكل أوروبا جيشها الخاص، وهي الدعوة التي وقف وراءها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشكل خاص.

وإن كانت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، قد اعتبرت قبلة الحياة للحلف المنازع، وسلطت الأضواء من جديد على معاهدته وأهمية عضويته، فإن ذلك كله لا ينفي أن هناك تحديات خطيرة تواجهه، وعثرات كبيرة تجابهه... ماذا عن ذلك؟

بداية يمكن القطع بأن الدعم الشعبي للحرب في الأوساط الأوروبية قد انخفض بشكل متزايد، لا سيما بعد أن ساد يقين معروف مسبقاً؛ بأنه لا يمكن هزيمة دولة نووية، وأن البديل هو محرقة عالمية ثالثة، وعليه بات الأوروبيون يفضلون صفقة تقود لسلام مع روسيا، عوضاً عن العنتريات المطولة، خصوصاً في ظل الخسائر الفادحة التي حاقت بالاقتصادات الأوروبية، وأدت إلى ارتفاع تكاليف المعيشة.

يعن كذلك للباحث في شؤون وربما شجون «الناتو» أن يتساءل عن مستقبله، لا سيما بعد نتائج الانتخابات الأوروبية الأخيرة، وما أفرزته من جنوح لجهة اليمين المتشدد، وبالتبعية سوف تظهر قيادات وزعامات سياسية أوروبية تحمل أفكاراً مختلفة، يمكنها أن تشكل تحدياً لتماسك الحلف وقدرته على الحفاظ على الإجماع بشأن السياسات المختلف حولها تجاه مستقبل الأزمة الأوكرانية.

على الجانب الآخر من الأطلسي، يتساءل كثيرون: «هل نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، يمكنها أن تؤثر في سيرة ومسيرة «الناتو»؟

حكماً في حال فوز الرئيس الحالي جو بايدن، لن يستشعر الطرف الأوروبي تغيراً كبيراً، فهامش الخلافات بين أميركا وأوروبا في ولاية سيد البيت الأبيض الحالي، ضيق للغاية، غير أن الويل والثبور وعظائم الأمور تنتظر روته و«الناتو»، حال فوز منافسه دونالد ترمب... لماذا وكيف؟

لا يوفر كثير من المراقبين الأوروبيين الشكوك في ميول ترمب لصالح فلاديمير بوتين، ورغبته في احتوائه ليكون معيناً له في مواجهة الصين، حتى وإن كلف الأمر الأوروبيين مخاوف جمة.

وصول ترمب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض ثانية قد يفتح الباب واسعاً أمام فكرة انسحاب الولايات المتحدة من عضوية «الناتو»، وهي فكرة مستبعَدة حالياً، لكن ترمب رجل غير متوقَّع، وغير المتوقَّع عنده يحدث بشكل كبير.

انسحاب أميركا من «الناتو» يعني مباشرة فقدان الحلف للمساهمة المالية الأكبر التي تقدمها الولايات المتحدة الأميركية، فضلاً عن قدرات النقل الجوي، وتكنولوجيا المراقبة والاستطلاع التي لا يمكن للأعضاء الأوروبيين استبدالها بسهولة.

هناك كذلك أمر إداري وتنظيمي يمكن أن يصاب بخلل؛ فقد جرى العرف أن يكون القائد العام لـ«الناتو» أميركياً؛ ما يعني أن القيادة الجديدة ستكون أوروبية، وهو أمر غير يسير في ظل الخلافات المؤدلجة بين اليمين واليسار.

أحد الأسئلة المختلف عليها حول «الناتو»: هل كان السبب فيما جرى لأوكرانيا؟

يحاجج البروفسور جون ميرشايمر، عالم السياسة الأميركي الشهير أستاذ العلاقات الدولية في جامعة شيكاغو، بأن «قرار فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا يرجع إلى حد كبير إلى توسع (حلف شمال الأطلسي) شرقاً، والرغبة في إقامة مواقع عسكرية على بوابات روسيا الغربية».

لكن أصواتاً أميركية من عينة عضوي «الكونغرس» جيري كونولي، ومايك تورنر، تدافع عن مثل هذا التوسع، ويعتبران أن «الناتو» هو الذي يضمن بقاء إستونيا وفنلندا وغيرهما من دول البلطيق بعيدة عن قبضة بوتين، وأن الفارق بين ما حدث لأوروبا على يد هتلر، في الثلاثينات، والتهديد الذي تفرضه روسيا في عهد بوتين هو حلف «الناتو»، والخطوط الحمراء التي يرسمها حول أراضيه.

أهيَ دعوة لمزيد من عسكرة «الناتو» في زمن رُوتَهْ؟

تتعالى أصوات كثيرة مطالِبة بأن يمارس «الناتو» في عهد أمينه العام الجديد دوراً سياسياً يتمحور حول حماية الديمقراطية في مواجهة الاستبداد، لكن الإشكال هنا كيف له أن يفعل ذلك من دون قوة عسكرية؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مارك روته ومستقبل «الناتو» مارك روته ومستقبل «الناتو»



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 15:27 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء
المغرب اليوم - هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء

GMT 09:19 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
المغرب اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة

GMT 08:05 2022 الأحد ,20 آذار/ مارس

مطاعم لندن تتحدى الأزمات بالرومانسية

GMT 15:13 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

شاب يذبح والدته ويلقيها عارية ويثير ضجة كبيرة في مصر

GMT 12:02 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تعرفي علي اطلالات أزياء أمازيغية من الفنانات مغربيات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib