أميركا انتخابات الرئاسة وحديث البدائل

أميركا: انتخابات الرئاسة وحديث البدائل

المغرب اليوم -

أميركا انتخابات الرئاسة وحديث البدائل

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

هل نغالي إن قلنا إن الانتخابات الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، هي واحدة من الانتخابات المثيرة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية في العقود الأخيرة؟

مؤكّد أننا لا نتجاوز المعقول إذا فعلنا، سِيَّما أنها انتخابات مستقبلية برسم أحداث ماضية، إذ لا يزال الرئيس السابق دونالد ترامب، ومعه قرابة السبعين مليون أميركي جمهوري يقطعون بأنها كانت انتخابات مزوَّرة أو مسروقة من قِبَل الدولة الأميركية العميقة، وعليه فإنه يتوجَّب الثأر هذه المرة.
 

هي انتخابات برسم الانتقام إذن، وليس المنافسة كما جرت العادة في الأزمنة السالفة.

جرت الانتخابات التمهيدية نهار الثلاثاء الماضي، ووَضَحَ جليًّا أن الرئيس بايدن هو الفائز بتذكرة الديمقراطيين، فيما ترامب تأكَّد الجميعُ أنه جواد الجمهوريين الرابح، وبينهما تحَلَّت المرشَّحة الجمهورية نيكي هيلي بلون خاص تساءل الجميع عن السر وراءه، لا سِيَّما في ظل إصرارها على خوض السباق، قبل أن تعلن انسحابها نهار الأربعاء الفائت.

لتكن البداية من عند الرئيس بايدن، وبخاصة بعد أن ألقى خطابًا عن حالة الاتحاد، حيث بدا متماسكًا بعض الشيء ولم يزلَّ لسانُه إلا مرة واحدة.

لكن وعلى الرغم من ذلك، هل يمكن القطع بأن بايدن هو من سيكمل سباق الديمقراطيّين لجهة البيت الأبيض هذه المرة؟

ربما يحتاج الجواب إلى نوع من الرويّة وعدم التسرّع، وبخاصة في ظل استطلاع الرأي الأخير لوكالة أسوشيتدبرس وفيه يشكّ 6 من كلّ 10 أميركيين بأن بايدن لا يتمتع بقدرات عقلية كافية للعمل بفعالية كرئيس للبلاد.

هذه النسبة ارتفعت عن سابقتها التي أجْرِيَتْ في شهر يناير الماضي، وفيها كان 5 من كل 10 يسيرون في ذات الاتجاه.
 

يتساءل الديمقراطيون سرًّا وعلانيةً في الأوقات الأخيرة: "أترى بايدن هو الرجل القادر على إدارة صراعات عالمية، وإصلاح حالات الطوارئ المحلية، والعمل مع الكونغرس المضطرب؟

الجواب عن التساؤل الجوهر المتقدّم يأخذنا في طريق سيناريوهات ماورائية كَثُرَ الحديث عنها في الأوقات الأخيرة، وفي مقدمها ما يمكن أن تفكر فيه نائبة الرئيس كمالا هاريس، وهل يمكن عند لحظة حاسمة ودقيقة من الآن وقبل نوفمبر المقبل، أن تمضي في طريق التعديل الخامس والعشرين من الدستور الأميركي، ذاك الذي يسمح لها مع مجلس الوزراء بإزاحة الرئيس حال عدم مقدرته على القيام بسلطاته؟

السيناريو وارد جدًّا لاسيما إذا تردَّتْ حالة بايدن الإدراكية، وهو أمر لا يغيب عن كوادر الحزب الديمقراطي العميقة ذات الخبرة المؤسّساتيّة، تلك التي تدرك أنّ هاريس لا يمكنها أن تناور أو تداور ترامب، ما يعني خسارة مؤكَّدة للديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية القادمة.

هنا يطفو على السطح السيناريو البديل، حيث تدور الأحاديث في الكواليس عن احتمال اقناع هاريس بالاستقالة مبكرًا، ومن ثمَّ قيام الرئيس بايدن بتعيين نائب وربما نائبة جديدة، ثم لا يلبث أن يتقدم بايدن بدوره باستقالته قبل الانتخابات ليصبح هذا النائب رئيسًا، يمكنه أن يخوض السباق.

لا تخلو قائمة الديمقراطيين من بعض الأسماء اللامعة البديلة التي يمكن ان تلعب هذا الدور. وغالب الظن أن الاختيار يدور بين اسمين، ميشال أوباما زوجة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وهي صاحبة وجه مقبول لدى الديمقراطيين، ولديها خلفية جيدة من خلال ثماني سنوات كزوجة وسيدة أولى، كما أنها مهيَّأة أكاديميًّا وذهنيًّا لهذا المنصب.

الاسم الاخر، هو غافين نيوسوم، حاكم ولاية كاليفورنيا، صاحب الخلفية السياسية الخارجية المتميزة، والرجل الذي تتمنى الصين بنوع خاص أن تراه على سدة الرئاسة الأميركية عوضًا عن بايدن وترامب. وفي كل الأحوال هو من الأسماء المرجَّحة للترشُّح للرئاسة الأميركية في 2028.

ماذا إذن عن الجمهوريين، وهل هناك شكٌّ في أن الرئيس السابق ترامب لن يكون هو صاحب قصب السبق في هذه المنافسة؟

حكما يبدو المشهد حتى الساعة منتهيًا لصالح ترامب من حيث ترشيح حزبه له، لكنّ نظرةً عُليا، تكاد تخبرنا أن هناك سيناريو مفتوحًا على سيناريوهَيْن مثيرَيْن جدًّا في كل الأحوال.

السيناريو الأول، هو أن تتم إدانة ترامب والحكم بسجنه، وهذه منطقة مجهولة، فهل يمكن أن يصل إلى مقعد الرئاسة وهو مدانٌ بأحكام جنائية أو مدنية، عطفًا على أنه ملاحق بتبعات أزمة السادس من يناير/ كانون الثاني 2021، ومحاولة تعطيل سير تأكيد فوز بايدن.

هل يمكن لمثل هذا الحكم أن يقضي على آمال ترامب بالعودة إلى البيت الأبيض مرة ثانية؟

يلفت تقرير لمجلة بولتيكو الأميركية ذائعة الصيت إلى أن خبراء قانونيين يقطعون "بأن الحاجة إلى رئيس منتخب للوفاء بواجبات منصبه من شأنها أن تتجاوز الأدلة الجنائية".

هنا فإنّه حال أدين ترامب بجريمة فيدرالية، فقد يحاول حتى العفو عن نفسه فور تولّيه منصبه".

هل هذا سيناريو نهائي شافٍ وافٍ ناجز وقاطع مرة واحدة؟

الخبير القانوني، يوجين مازو، يقول في هذا الصدد لمجلة بولتيكو: "حكمًا سوف تدخل أميركا منطقة مجهولة، ولا أعتقد أن لدينا إجابة على هذا السؤال".

هل ستلجأ أميركا الرسمية والشعبية إلى المحكمة العليا في محاولة البَتّ في هذه الإشكالية؟

من الجائز أن يحدث ذلك، غير أنه وفي كل الأحوال سوف تزيد هذه العقوبة حال الحكم بها من ضبابية المشهد الانتخابي وربما الرئاسي القادم.

السيناريو الثاني، هو أن تمضي الدولة الأميركية العميقة، والتي وعد ترامب بتفكيكها حال وصل الى البيت الأبيض مرة جديدة، في طريقٍ مشابه لما جرت به الأقدار في محطات مفصلية من تاريخ الولايات المتحدة، مع إبراهام لنكولن وجون كيندي، أي سيناريو التغييب.

هل انكشف الآن سرُّ تصميم نيكي هايلي على المُضِيّ في سيناريو الحصول على ترشيح الحزب الجمهوري لها رغم أنها كانت على يقين بانعدام فرصتها؟

هيلي في واقع الحال، قدَّمتْ أوراق ترشيحها للحزب الجمهوري على أمل أن تكون البديل الجاهز لترامب حال غاب أو غُيِّبَ، ناهيك عن سعيها منذ الآن لرئاسة 2024، لتضحي أول سيّدة تترَأَّس الولايات المتحدة الأميركية.

حديث البدائل في واقع الامر يأخذنا إلى إرهاصات نتائج هذه الانتخابات، والتي قد تجُرُّ الوبال على الأميركيين حال غاب التعَقُّل، واختفت المنافَسة الحِزْبية الشريفة.

يمكن لترامب والملايين التي تتبعه أن تُحَوِّل الداخلَ الأميركي إلى مشاهد من العنف المؤلم إذا تمَّ إجباره على عدم إكمال مسيرته الانتخابية من خلال أحكام قضائية، أو تعريض حياته لخطر الموت، وصولاً إلى خسارته للانتخابات.

ويمكن لليسار الديمقراطي والجماعات المتمرّدة على الديمقراطيين عبر العنف أيضا أن تُلحِقَ الأذى البالغ بالبلاد، وهنا يقول العقلاء: ربما يكون الحلُّ الوحيد لإخراج أميركا من مستنقع ثنائية بايدن وترامب، ظهورَ وجوهٍ جديدة على الساحة، وتسريح الرجلَيْن بإحسان وبتعَهُّد الرئيس القادم العفو عنهما، حتى تتصالح أميركا وتتسامح مع ذاتها، وما عدا ذلك، سيكون أمرًا كفيلاً بأن يدخلها في أتون حربٍ أهليّة الجميع يتوقَّعها بل ينتظرها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا انتخابات الرئاسة وحديث البدائل أميركا انتخابات الرئاسة وحديث البدائل



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 15:27 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء
المغرب اليوم - هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء

GMT 09:19 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
المغرب اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة

GMT 08:05 2022 الأحد ,20 آذار/ مارس

مطاعم لندن تتحدى الأزمات بالرومانسية

GMT 15:13 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

شاب يذبح والدته ويلقيها عارية ويثير ضجة كبيرة في مصر

GMT 12:02 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تعرفي علي اطلالات أزياء أمازيغية من الفنانات مغربيات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib