دي فانس الجواد الرابح أم الجامح

دي فانس... الجواد الرابح أم الجامح؟

المغرب اليوم -

دي فانس الجواد الرابح أم الجامح

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

من بين عدد كبير من أصحاب التاريخ السياسي، يختار المرشح للرئاسة الأميركية دونالد ترمب سيناتور ولاية أوهايو الشاب دي فانس (39 عاماً)، ويرى أنه الأنسب لمنصب نائب الرئيس.

يعتبر ترمب أن دي فانس سيركز على «العمّال والمزارعين الأميركيين في بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن وأوهايو ومينيسوتا».

حكماً ليست هذه هي الأسباب المؤكدة، الأمر الذي يجعلنا نتساءل: هل ترمب من اختار دي فانس حقاً، أم أن الشاب الوسيم، هو انتقاء دارويني أميركي، يتم تجهيزه ليكون أحد صُنّاع أميركا الجديدة، ووجوهها العابرين بها نهر الروبيكون مرة جديدة؟

لعله من المعروف أن ترمب لا ينسى أبداً مَن وجَّه إليه كلمة انتقاد لاذعة؛ فما بالنا بسيناتور شاب وصفه ذات مرة بأنه «هتلر أميركا»، وأعلن صراحة عام 2016 أنه ضد ترمب، وظل طويلاً من كبار منتقديه؟

لذا يخطر لنا التساؤل: مَن هو جي دي فانس الحقيقي؟ وهل هو الناقم على ترمب أم المدافع عنه؟

غالب الظن أننا أمام مشهد من اثنين لا ثالث لهما؛ إما أن يكون الأمر موقفاً براغماتياً من دي فانس، أعاد من خلاله تشكيل نفسه بصورة ساخرة تتسق وفقاً لمقتضيات العصر الترمبي، أو أن يكون شاب أوهايو ذو اللحية المنسقة، والابتسامة المقتضبة أحدث وارد لمنتجات المحافظين الأميركيين، في ثوب جديد مخالفٍ لذاك الذي عرفناه في تسعينات القرن الماضي، من خلال وجوه مألوفة ومعروفة، ربما تجاوزتها أزمنة الذكاء الاصطناعي وحروب الفضاء، مثل ويليام كريستول، وروبرت كاغان، وغيرهما.

في مجلس الشيوخ، نجح فانس في اكتساب هوية مزدوجة، باعتباره حليفاً رئيسياً لترمب، وزعيماً للجناح الشعبوي الوطني في الحزب الجمهوري.

خلال السنوات الثلاث الماضية، بدا دي فانس بين شيوخ أميركا صوتاً جديداً، وشعلة حماسية مثيرة؛ فقد رفع لواء «اليمين الجديد»، وهي حركة فضفاضة من المحافظين الشباب، الذين يسائلون الأزمنة والأحاجي الأميركية، لكن بلغة عصرانية، بعيدة كل البعد عن «اللغة الخشبية التروتسكية»، وما خلَّفته في أرجاء القارة الأميركية، لغة من خلالها يحاولون بعزم، ويعملون بحزم، على دفع الحزب الجمهوري الأميركي في اتجاه أكثر شعبوية وقومية ومحافظة ثقافياً.

يقف وراء اختيار دي فانس، في الظاهر، على الأقل 3 أفراد: دونالد ترمب جونيور، الابن المقرَّب والمحبَّب من قلب الأب ترمب وعقله، والإعلامي الأميركي الثائر، وربما الحائر في أعين البعض، تاكر كارلسون، حيث يروج له بصورة واسعة في دوائر «الميديا» الأميركية، التقليدية والحديثة، ويصف كارلسون دي فانس بأنه الأذكى والأعمق بين أعضاء مجلس الشيوخ على الإطلاق. أما الثالث، فهو صاحب الأيادي البيضاء على دي فانس، المحامي صاحب الشركة الكبرى بيتر ثيل، الذي دعم حملته لانتخابات مجلس الشيوخ بعشرة ملايين دولار.

دي فانس يُعتبر وجهاً يمينياً محافظاً عصرانياً، لا ينفك يجاهر باعتقاده في حتمية العمل ضد القيم الثقافية للنخب التقدمية، بمعنى أدق اليسار الديمقراطي المنحرف، الذي جرف البلاد نحو الهاوية، ويعتبر ذلك ضرورياً لتعزيز المصالح الاقتصادية والسياسية للطبقة العاملة، وهو الداعم كذلك لحظر الإجهاض.

اعتبر دي فانس أن محاكمات ترمب أكبر تهديد للديمقراطية الأميركية، وربما كان ذلك الموقف وما ورائياته طريقه إلى المؤتمر الوطني للجمهوريين مرشحاً لنائب الرئيس.

دي فانس دارس القانون في جامعة ييل العريقة، صاحب رؤية عميقة لتاريخ أميركا، رؤية تتسق وميول أسلافه من المحافظين القدامى، لا سيما حين يقارن اللحظة الحالية في التاريخ الأميركي، بنهاية الجمهورية الرومانية؛ ففي بودكاست له أُذيع عام 2022 قال: «نحن في فترة جمهورية متأخرة بأميركا؛ إذا كنا سنقاومها فسيتعين علينا أن نصبح جامحين للغاية، ونذهب في اتجاهات لا يشعر كثير من المحافظين بالراحة معها الآن».

إلى أين سيذهب فانس الجواد الجامح؟

عند ستيفن بانون، ركن المحافظين المحدثين الأكثر صلابة، حتى وإن كلفته مواقفه سجناً لبضعة أشهر، أن دي فانس... «سيترشح للرئاسة يوماً ما».

إنها قصة الترمبية التي قد تبدأ مع دونالد وتستمر مع دي فانس، إن قُدِّر لها الوصول إلى البيت الأبيض في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دي فانس الجواد الرابح أم الجامح دي فانس الجواد الرابح أم الجامح



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 15:27 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء
المغرب اليوم - هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء

GMT 09:19 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
المغرب اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة

GMT 08:05 2022 الأحد ,20 آذار/ مارس

مطاعم لندن تتحدى الأزمات بالرومانسية

GMT 15:13 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

شاب يذبح والدته ويلقيها عارية ويثير ضجة كبيرة في مصر

GMT 12:02 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تعرفي علي اطلالات أزياء أمازيغية من الفنانات مغربيات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib