هل الربيع العربي تاريخ وانتهى

هل الربيع العربي تاريخ وانتهى؟

المغرب اليوم -

هل الربيع العربي تاريخ وانتهى

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

لا يوجد إجماع كامل على أكثر الأمور بداهة في الحياة، ومن ذلك السياسة، بل هي في مقدمة هذه الأشياء.

لا حرج في ذلك، و«وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاّ مَن رّحِمَ رَبّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ». وربما بعض الاختلاف يثري ويقوي الأطروحة الأساسية. غير أنَّ هذا القدر «الطبيعي» من الاختلاف، شيء، والانخراط في عمل هادم ونشاط معادٍ كلية، شيء آخر تماماً.

هناك من يشتغل لحساب مشروع الإخوان المسلمين، وأشباه الإخوان (ليس ضرورياً أن يكون عضواً ببطاقة عضوية على فكرة!) ممن يقيم في الخارج، خاصة بريطانيا وكندا، ضد السعودية، وهي الدولة العربية الأقوى اليوم، مركز الثقل العربي وحائط الصدّ الأعلى والأصلب تجاه العواصف والأنواء.

هؤلاء النَّفر من قاطني بريطانيا وكندا، بعلم الأجهزة البريطانية الكندية طبعاً، يعملون لرؤية تفويضية عدمية، غير واقعية، دون أن ندخلَ في نوايا القوم، فعند الله تجتمع الخصوم...

هذه الفئة هل هي جديدة على المشهد؟! أبداً، بل هي حلقة من حلقات قديمة.

في 11 مارس (آذار) 2012 وأسوة بما حدث في تونس ومصر وبقية دول «الربيع العربي»، كما وصفت وقتها، خاصة تونس ومصر وليبيا واليمن، قامت مجموعة غير معروفة بإنشاء صفحة على «فيسبوك» تدعو فيها السعوديين إلى «جمعة تظاهر». فيما عرف لاحقاً بـ«يوم حنين».

حينها أرجف قومٌ وذهل آخرون، وزاغت أبصارُ بعض في هذا المكان، وقتها، جاء التالي:

«لماذا هرع بعض السعوديين من النخب الثقافية وبعض شباب (فيسبوك) و(تويتر) إلى تصديق أنَّ ثمة جمعة غضب ستجري في السعودية على غرار القاهرة وصنعاء، ورمي كل من يشكك في واقعية هذا التصور بالويل والثبور وعظائم الأمور، ووضعهم في قوائم عار سوداء؟ هذا سؤال مهم حتى لا يتبخّر مع الوقت في إيقاع الأحداث». كما جاء في هذه الزاوية حينها تفسيراً لذلك:

«إنَّ السببَ في ذلك، وهذا قد يكون عذراً نفسياً لمن تعجَّل القراءة والنصيحة الخاطئة المبنية على خلط التصور، أنَّ كثيراً من الناس فقد اتزانه ورؤيته بعد ما جرى من زلزال رهيب في تونس ومصر، وظنَّ أنَّه قد وقعت الواقعة وحقت الحاقة وأنه لا مناصَ ولا مهربَ من وصول موجة (التسونامي) هذه إلى كل مكان، بما فيه إلى السعودية، وقد كتبَ بعض الكتاب العرب، بل أغلبهم، أنَّه لا توجد دولة عربية، بلا استثناء، بعيدة عن آثار الأمواج التونسية والمصرية، خصوصاً بعدما ضخت الفضائيات العربية الكثيرَ من هذا الوهم الثوري التسونامي... وتبيَّن للقوم أنَّ الأمرَ أعقد بكثير من (كتالوج) يطبق بحرفية في كل بلد عربي».

إذن، بالعودة لحاضرنا في عام 2024 فإنَّ أجواءَ وأهواء ومقولات وتكتيكات وأنفاس ومؤسسات موسم «الربيع العربي» ليست مرحلة زمنية منقضية... لا... بل هي سلوك مستمر وثقافة دائمة وأحزاب باقية ومصالح، دولية وإقليمية، يتعاهدها رعاتُها بالسقيا والبستنة.

من يريد تكريس مقولة أنَّ صناع الربيع العربي مجرد أشخاص أو قوى سياسية، لم تعد موجودة، إمَّا بسبب نضج الأفراد أو رشد المؤسسات الراعية.

من يقول ذلك فهو إمَّا يريد التخدير للتمرير الجديد، أو ممّن يكره «النكد» ويأنس بالحاضر الآني من راحة البال ويؤثر الإغفاء اللذيذ على طنافس الغفلة والعيش الرخي.

ما جرى أيامَ الربيع العربي، ثقافة متكررة، وليس مرحلة منقضية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل الربيع العربي تاريخ وانتهى هل الربيع العربي تاريخ وانتهى



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 21:24 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 09:02 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 18:10 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 07:57 2016 الأحد ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هافانا ذات الجو الحارّ غارقة في التاريخ ونابضة بالحياة

GMT 06:44 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

هنيئا لنا برئيس حكومتنا الذي يُضحكنا..!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib