الوزير والصحافية مَنْ غدر بِمن

الوزير والصحافية... مَنْ غدر بِمن؟

المغرب اليوم -

الوزير والصحافية مَنْ غدر بِمن

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

أما الوزير، فهو مستر هانكوك، وزير الصحة البريطاني الأسبق. وأما الصحافية فهي إيزابيل أوكشوت، التي اشتهر اسمها في أروقة بلاط «صاحبة الجلالة»، كما ذاع خارجها أيضاً، بعدما وضعت أكثر من كتاب، فتحقق لها الحضور في عالم النشر عموماً.
فرقع دوي انفجار قصتهما الأسبوع الماضي، حين فوجئ الوزير، كما فوجئت معه أوساط المجتمع السياسي ككل في بريطانيا، بقرار إيزابيل أوكشوت تسريب رسائل نصية يصل تعدادها إلى مائة ألف «ماسيج» كانت في الأصل مُررت إلى هاتفها من هاتف مستر هانكوك، الذي كان تبادلها مع وزراء آخرين، وغيرهم من المسؤولين، عبر تطبيق «واتساب» أثناء بدايات التعامل مع فيروس «كورونا» مطلع عام 2020، ثم ذروة التصدي لوباء «كوفيد - 19»، وضرورات إجراء إغلاق تلو آخر.
مسز أوكشوت سربت - وهناك من يقول إنها باعت - الرسائل لصحيفة «ديلي تلغراف»، التي تُعد، عن جدارة واستحقاق، إحدى أهم كبريات صحف بريطانيا اليومية.
أول تعليق صدر عن الوزير تمثل في أنه عدّ ما حصل «خيانة عُظمى»، ثم تردد أنه سارع فأرسل إلى هاتف إيزابيل رسالة تضمنت نوعاً من التحذير والوعيد.
من جهتها، انشغلت منابر الإعلام البريطاني كافة برصد تطورات القصة، التي وجدت من يرى فيها «فضيحة»، وانشغل الرأي العام بمتابعة آراء المحللين، كونها فرصة لهم ولهن للبروز على الشاشات، وبالتأكيد تلقي المقابل المالي لما يدلون به من آراء وتعليقات.
السبب في أن هانكوك عدَّ تسريب الرسائل إلى جريدة «ديلي تلغراف»، وبالتالي تصرف أوكشوت «خيانة عُظمى»، يرجع إلى أمرين؛ أولهما أن الوزير كان في تمرير هذا الكم من نصوص رسائل رسمية يأتمن شخص الصحافية، أولاً، ثم أمانتها المهنية، خصوصاً وقد سبق لها أن كانت موضع ثقة ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء الأسبق، عندما وضعت كتاباً عن سيرته الذاتية بالاشتراك مع مايكل آشكروفت، صدر تحت عنوان «CALL ME DAVE». ثانياً؛ أنه وثق في التزامها بعقد اتفاق بينهما يتضمن بنوداً واضحة بشأن عدم إفشاء أي أسرار تتعلق بمشروع كتاب هانكوك «Pandemic Diaries»، الذي ساعدت إيزابيل أوكشوت في إنجازه. هما سببان في حد ذاتهما كافيان للتذكير بجدلية قائمة منذ قديم الأزمان، تحديداً قِدم مهنة الصحافة ذاتها، وهي جدلية تشابك العلاقة بين الصحافة في كل فضاءاتها، والسياسيين عموماً بكل أطيافهم. يحدث أن هذا التشابك يتطور إلى اشتباك عندما تتعارض رؤى الطرفين في تقييم الأحداث، خصوصاً الكبرى منها، كما في تعرض البلاد لجائحة بخطورة فيروس «كورونا»، ومن ثم الاختلاف في شأن كيف تتم توعية الناس بالخطر، وما المدى الذي يمكن الذهاب إليه في المواجهة مع المرض.
من جانبها، دافعت إيزابيل أوكشوت عن تصرفها كصحافية بقول خلاصته إنها رأت أن الصالح العام يبيح لها الإفصاح لعموم الناس، عما توفر لديها من نصوص رسائل متبادلة بين أشخاص في مواقع المسؤولية الأولى عن كيفية التعامل مع الفيروس، ثم الوباء؛ لأنها أدركت أن بين جوانب ذلك التعامل ما أضر بقطاع معتبر من المرضى، وبشكل خاص كبار السن. في هذا السياق، على وجه التحديد، تقول أوكشوت إن نشر أجواء خوف على نحو تجاوز الحد المعقول، وكانت تصل إلى حد إثارة الذعر، كان له سيئ الأثر على الوضع الصحي، نفسياً، ثم بدنياً، بين العجائز عموماً، والمُقعدين خصوصاً.
في المقابل، اعتبر هانكوك أن ما أقدمت عليه أوكشوت يندرج في سياق نهج أجندة عارضت دائماً الإقدام على الإغلاق العام، من منطلق أنه يلحق أضراراً بالوضع الاقتصادي. والحق أن أوكشوت لم تنفِ هكذا موقف على الإطلاق. شاهدتُها، وسمعتُ آراءها، في هذا الشأن، خلال برامج تلفزيونية عدة أثناء احتدام أزمة الوباء. كانت بالفعل تسوق الحجج التي تراها تنفي ضرورة العودة إلى الإغلاق.
بالتأكيد، نصوص الرسائل التي جرى تسريبها، ومن ثم نشرها، لم تخلُ من إحراج لإدارة بوريس جونسون، بشكل عام، وعلى نحو خاص لمستر هانكوك بوصفه وزير صحة ما بين 2018 و2021. إنما، يبقى السؤال القائم هو؛ هل أقدمت إيزابيل أوكشوت، بوصفها صحافيةً، بالفعل على «خيانة عُظمى»، أو حتى مجرد غدر بشخص هانكوك، أم تراها انحازت لعموم الناس في كشف مستور اعتقدت بأنه يرقى إلى مستوى الغدر بأمنهم الصحي؟ تكراراً، هو سؤال سوف يتكرر، كلما ظهرت جدلية تشابك العلاقة بين الصحافة والسياسيين مجدداً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوزير والصحافية مَنْ غدر بِمن الوزير والصحافية مَنْ غدر بِمن



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة

GMT 08:05 2022 الأحد ,20 آذار/ مارس

مطاعم لندن تتحدى الأزمات بالرومانسية

GMT 15:13 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

شاب يذبح والدته ويلقيها عارية ويثير ضجة كبيرة في مصر

GMT 12:02 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تعرفي علي اطلالات أزياء أمازيغية من الفنانات مغربيات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib