مصر وغزة علاقة مصير

مصر وغزة... علاقة مصير

المغرب اليوم -

مصر وغزة علاقة مصير

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

خلال جولة بحث إنترنتية مطلع هذا الأسبوع عن آخر مستجدات العلاقة بين مصر وقطاع غزة، لفتني أكثر من تطور مهم من شأنه أن يلفت أنظار المتابعين لتطورات علاقة اتسمت بأهميتها عبر القرون، شأنها في ذلك شأن علاقات الدول المتجاورة مع بعضها في مختلف قارات العالم كافةً. طبعاً، غزة ليست دولة رسمياً - على الأقل ليس بعد - بل هي جزء من دولة فلسطين المُعترف بها دولياً. الحق يُقال إن هذه الحقيقة أمر تؤكده دائماً سُلطة «حماس» التي تحكم القطاع منذ صيف 2007، رغم أنها تُباعِد بين إدارتها وبين حكومة رام الله الرسمية تَباعُد غير الراغب في أي تقارب، كما لو أن كلتيهما من كوكب مختلف. خلال البحث، ومن منطلق أن كل حدث يعني عموم الناس يستحق أن يُقدم على غيره، وجدتني أتوقف، أولاً، أمام خبر نشره موقع «المصري اليوم» نهار الجمعة الماضي، وجاء فيه أن معبر رفح شهد تنقل 6693 مسافراً في كلا الاتجاهين خلال الفترة من الخامس إلى التاسع من شهر مارس (آذار) الجاري. يتوسع التقرير، الذي كتبه للموقع خالد محمد، فيتضمن في التفاصيل أن 3163 شخصاً عبروا إلى الأراضي المصرية قادمين من القطاع، مقابل عبور 3530 مسافراً من مصر إلى غزة، خلال الفترة المشار إليها.
ضمن سياق غير بعيد عن اهتمامات عموم الناس أيضاً، لفتت انتباهي تقارير نشرتها مواقع عدة تشير إلى غير مشروع تطويري على قدر من الأهمية يجري بمنطقة شمال سيناء. من ذلك، مثلاً، شروع مصر في تحديث شبكات الطرق بين مصر وقطاع غزة وبناء طرق جديدة، بينها طريق بطول أربعة عشر كيلومتراً يصل رفح بمعبر كرم أبو سالم، حيث يقع مثلث الحدود بين مصر وفلسطين، وآخر يصل بين رفح وقناة السويس مباشرة عبر الصحراء، مروراً بالشيخ زويد، والعريش، وبئر العبد، والقنطرة شرق، وسوف يتيح الوصول إلى القاهرة بلا مرور على مدن شمال سيناء.
واقعياً، يمكن القول: إن مصالح مصر الاقتصادية، وضرورات أمنها الاستراتيجية تطلبت دائماً الحرص من جانب القاهرة على تميز العلاقات مع فلسطين عموماً، وقطاع غزة خصوصاً، بوضوح رؤية تستند إلى مقومات غير قابلة للاهتزاز، ولا تؤثر على متانتها رؤى أشخاص قد تختلف أجنداتهم في مرحلة ما، مع متطلبات علاقة مصير مشترك نشأت منذ قديم الأزمان. في هذا السياق؛ معروف أن العلاقة بين مصر وغزة تسبق العصر الحديث بقرون عدة، فهي بحكم الموقع الجغرافي ترجع إلى العصر الفرعوني، ورغم صغر مساحتها فإن موقعها أتاح لغزة أن تحتل المركز التجاري الأساس خلال فترة حكم تحتمس الثالث، مثلاً، إذ كانت حينئذ المصدر الرئيسي لإمداد مصر بمواد تموين أساسية. ثم إن غزة كانت أولى المدن الفلسطينية التي دخلها جيش الفتح الإسلامي بقيادة عمرو بن العاص عام 635 الميلادي، آتياً إليها من مصر.
منذ ذاك الزمان البعيد، وصولاً إلى الزمن المعاصر، تنقل حكم غزة بين أيدي أكثر من حاكم، كان كل منهم ينتمي إلى القوة التي سادت هيمنتها خلال مرحلة محددة. معروف أيضاً أن حكم القطاع أوكل، منذ ضياع معظم فلسطين في نكبة 1948، إلى مصر، وبقي كذلك حتى ضاع المتبقي من أراض فلسطينية بحكم الوضع الذي تمخض عن كارثة 1967، صحيح أن الحال أخذ في التغير التدريجي مع بدء التنفيذ المتلكئ لاتفاق أوسلو (1993)، لكن ظلال أشباح الاحتلال الإسرائيلي لم تزل تخيم بغير مرفق عندما يتعلق الأمر باستقلال قطاع غزة التام.
وضع كهذا لن ينفي حقيقة أن العلاقة بين مصر وغزة كانت وسوف تبقى دائماً علاقة مصير مشترك. كنتُ صبياً عندما شهدت بعيني واحداً من أصدق الأمثلة على هذه العلاقة المصيرية. حصل ذلك قبل ستة وستين عاماً من هذا اليوم، تحديداً نهار الخميس الموافق الرابع عشر من مارس عام 1957. يومها تسلق الشاب محمد المشرف سارية علم السرايا الحكومية لينزل علم قوات الطوارئ الدولية ويضع العلم المصري، رداً على أفكار كانت تُطرح آنذاك بشأن تدويل قطاع غزة، بعد اندحار القوات الإسرائيلية، وفشل عدوان 1956 البريطاني - الفرنسي - الإسرائيلي على مصر. علاقة المصير المشترك هذه سوف تبقى واحدة من حقائق التاريخ والجغرافيا التي لن ينجح أي ظرف طارئ في إلغائها، مهما طال زمن ذلك الظرف.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر وغزة علاقة مصير مصر وغزة علاقة مصير



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة

GMT 08:05 2022 الأحد ,20 آذار/ مارس

مطاعم لندن تتحدى الأزمات بالرومانسية

GMT 15:13 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

شاب يذبح والدته ويلقيها عارية ويثير ضجة كبيرة في مصر

GMT 12:02 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تعرفي علي اطلالات أزياء أمازيغية من الفنانات مغربيات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib