لولا داسيلفا إصبع البرازيل المقطوع
وفاة أسطورة التنس الأسترالي نيل فريزر عن عمر يُناهز 91 عاماً نادي لو هافر الفرنسي يقوم بتعليق عضوية أحد مشجعيه والذي يبلغ 6 أعوام فقط بسبب تصرفاته في الملعب إصابة 79 شخصاً نتيجة أعمال عنف بين المشجعين خلال مباراة لكرة القدم بين فريقي كارل زييس جينا وضيفه خيمي لايبزيغ 6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور نادي فيورنتينا يكشف تطورات الحالة الصحية للاعبه إدواردو بوفي الذي تعرض لإصابة مفاجئة خلال مواجهة ضيفه إنتر ميلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ينعي ضحايا التدافع المميت في مباراة كرة القدم في غينيا ويُقدم تعازيه لأسر المتوفين والاتحاد الغيني حكومة غينيا تُعلن مقتل 56 شخصاً فى حادث تدافع أعقاب احتجاجات المشجعين على قرارات طاقم التحكيم خلال مباراة لكرة القدم شركة الخطوط الجوية النمساوية تُعلن تمديد توقف الرحلات الجوية إلى طهران وتل أبيب حتى 31 يناير المُقبل استشهاد أحد عناصر أمن الدولة اللبنانى جراء استهدافه بصاروخ موجه من طائرة مسيرة إسرائيلية فى النبطية انفجار جسم غريب في في العاصمة السودانية الخرطوم واستمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع
أخر الأخبار

لولا داسيلفا إصبع البرازيل المقطوع

المغرب اليوم -

لولا داسيلفا إصبع البرازيل المقطوع

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

من سجنه يعود لولا داسيلفا، إلى معترك انتخابات الرئاسة البرازيلية التي ستجرى في شهر أكتوبر القادم، وكأنه يندفع من ظلام غابات الأمازون، وينهض من أمواج أنهاره.
وجه انكب سنوات بظهر منحنٍ ليمسح أحذية المارة، ويد تدفع مكنسة ثقيلة لتنظف الشوارع التي تتكدس فيها القمامة، وتعبرها أجساد تحركها بقايا حياة، وتتلوى فيها رعشات الجوع. هناك ترعرع حلم مستطيل كما هي خارطة البرازيل، اسمه لويس إناسيو لولا داسيلفا. في غرفة صغيرة تكدس لويس مع إخوته الخمسة ووسطهم أم فرَّ ربُّ بيتها إلى حضن امرأة آنسته ما عداها. لم يكمل الطفل دراسته الابتدائية، فطلبات البطن تسبق ما يطلبه الرأس. تنقل من عمل إلى آخر في مدن البرازيل التي تكتظ بالبطالة والجوع والجريمة. لكن في معمل نجارة كان للويس إناسيو لولا موعد مع ولادته الثانية في أحشاء البرازيل. قطع إصبعه البنصر، ليسكن ذلك الرفيق الصغير المقطوع في رأس الشاب الكادح، ويكون أكاديمية الفكر والعقل والسياسة والنضال.
انشغلت أميركا اللاتينية، وشغلت العالم بوميض ثوري رافقته أسماء وصور لرموزه في القرن العشرين مثل كاسترو وجيفارا، وسادت في بعض الدول صرخات شعاراتية في كوبا وبوليفيا ونيكاراغوا وفنزويلا وغيرها تدعو لوحدة لاتينية ومواجهة الهيمنة الخارجية وخاصةً الأميركية. تلك السياسات والشعارات كانت لها جذور قديمة منذ ثورات سيمون بوليفار. البرازيل خاضت حربا ضد الاستعمار البرتغالي وتحررت سنة 1823.
إناسيو لولا داسيلفا كان مدرسة خاصة في النضال من أجل العدالة، وخدمة الفقراء. كان نقابيا يساريا، ودخل السجون، وخاض العمل السياسي ببرنامج عملي وأسس حزب العمال الذي هفت إليه عقول الطامحين في تغيير يقوم على معرفة احتياجات البلاد وإمكانياتها، دون الدخول في عداوات وصدامات شعاراتية مع دول أخرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا أو دول في داخل أميركا اللاتينية.
قابلت السيد لولا داسيلفا مرات قبل توليه الرئاسة بمنزله المتواضع في سان باولو، ولقد فوجئت بمدى إلمامه بتفاصيل ما تعانيه بلاده، ورؤيته الشاملة للحلول في كل المجالات. كان موضوع فلاحين بلا أرض، قضية الساعة في البرازيل، وكانت مقاربته لحل هذه القضية، مبنية على معطيات واقعية لا تمس مصالح الملاك، وفي ذات الوقت توفر الفرص للفلاحين لاستثمار الأراضي الشاسعة في البلاد. تحدث مطولا عن الوضع الدولي وقدم تحليلا سياسيا واسعا. لم يتحدث بمنطق اليساري الاشتراكي الثوري، بل بعقل السياسي الذي تسكنه رحلة طويلة من المعاناة التي شاركها عبر حياته مع الطبقة المسحوقة من شعبه. قابلته بعد فوزه في انتخابات 2002، فوجدته يفكر بعقل المدرك لحجم المسؤولية الكبيرة، ويعبئ قدراته وتجربته لمواجهة ما ينتظره من تحديات داخلية وخارجية.
بدأ معركته واقتحم جبال الملفات التي تمتد فوق خارطة البرازيل الطويلة بما فوقها من غابات أمازونية وأنهار ومعاناة من الجريمة إلى الجوع والبطالة والتفاوت الطبقي الكبير.
أميركا اللاتينية مرت بمراحل تلاحقت فيها الاضطرابات. من حروب الاستقلال إلى حلم إقامة ولايات متحدة لاتينية على غرار الولايات المتحدة الأميركية. قاد ذلك الحلم الثائر سيمون بوليفار، في البداية لاحت بعض النجاحات ولكن الانكسارات كانت أقوى.
الانقلابات العسكرية اجتاحت كثير من دول القارة ومن بينها البرازيل، وألحقت بهذه الدول كوارث حقيقية. في أواخر القرن الماضي ولدت مرحلة جديدة سادت فيها الديمقراطية، لكن النزعة الثورية ظلت تطفو في كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا وبوليفيا والإكوادور وغيرها. لولا داسيلفا قدم نموذجا مبتكرا في القارة. الديمقراطية وحرية الرأي والتنمية والتوازن السياسي على المستوى الدولي والمحافظة على استقلال القرار الوطني. اختلف في بعض التوجهات مع سياسة الولايات المتحدة الأميركية، لكنه لم يصطدم بها أو يعلن العداء المباشر لها. كان همه الأساسي تحقيق نقلة اقتصادية في بلاده التي تمتلك مقدرات هائلة. نجح في إخراج أكثر من عشرين مليون مواطن من تحت خط الفقر وحقق فائضاً ماليا تجاوز مائتي مليار دولار، ورفع حجم الصادرات وتوسع في الاستثمار الداخلي وخاصةً في مجال النفط وغيره من الخامات، وطور الصناعات المختلفة، ورفع قدرات الجيش وفرض التجنيد الإلزامي، وأصبح الجيش البرازيلي الأكبر والأقوى في أميركا اللاتينية. في سنوات رئاسته، أصبحت البرازيل الدولة الثامنة في الترتيب الاقتصادي العالمي. تخلّق تيار سياسي جديد في أميركا اللاتينية، تبنى النموذج البرازيلي الجديد، ارتكز على إمكانية تحقيق التنمية والتقدم الاقتصادي واستقلال القرار الوطني، دون الاندفاع في مسار الهياج الشعاراتي الثوري الرغبوي.
صار لهذا التيار أنصار في داخل البرازيل وخارجها. تحركت القوى المضادة التي أسست تحالفا ضد سياسة لولا داسيلفا، وأسست تحالفا له امتدادات خارجية، وتحركت القوى اليمينية بما تملكه من إمكانيات مالية هائلة ووسائل إعلام وتنظيمات سياسية، مستهدفة المشروع والشخص الذي يقوده. وجهت للولا داسيلفا الفقير تهمة الفساد المالي، وحكم عليه بالسجن. الآن، بدأ العد التنازلي لخوض معركته الرئاسية الجديدة ضد الرئيس جايير بولسينارو الذي يكرر إيمانه بحكم الجيش وبنية المجتمع الطبقي، ويفتح الطريق أمام المندفعين للاستيلاء على غابات الأمازون. استطلاع الرأي العام أعطى لولا داسيلفا 43 في المائة في حين لم يتجاوز الرئيس جايير بولسينارو 26 في المائة الذي باشر مبكرا في خوض حملته الانتخابية. البرازيليون يرون في الانتخابات الرئاسية القادمة، معركة بين مشروعين وليس بين شخصين، وأميركا اللاتينية الرسمية والشعبية تنظر إلى هذه الانتخابات وتنتظرها لأهمية البرازيل في القارة.
ماسح الأحذية وبائع الخضراوات والعامل المتنقل بين المصانع الصغيرة والكبيرة ونقيب العمال ورئيس الجمهورية، ما زال يحمل سلاحه المقدس في ثكنة عقله، وهو خنصره الصغير المقطوع، ففيه تتفاعل قضية وطن وتتحصن إرادة. معركة قادمة بين مشروعين، أحدهما يقوده بنصر البرازيل المقطوع، وآخر يتوكأ على عصا السلطة والجيش.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لولا داسيلفا إصبع البرازيل المقطوع لولا داسيلفا إصبع البرازيل المقطوع



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 21:47 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد يخلد ذكرى لاعبه الراحل أسامة فلوح

GMT 09:12 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

الحريات الفردية من منظور القانون الجنائي

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 02:39 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أفضل العطور الرجالية التي تجذب النساء في 2019

GMT 08:49 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

أمينة كرم تكشّف سبب مُغادرتها قناة "طيور الجنة"

GMT 03:19 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تنتهي من نقل مسجد أثري يعود إلى العهد الأيوبي

GMT 16:21 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

لينغارد يكسر صمت لاعبي "مانشستر " بشأن رحيل مورينيو

GMT 19:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع كونراد رانغالي آيلاند في جزر المالديف

GMT 06:17 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عُلماء يكشفون أسباب كذب الأطفال ويؤكدون "أمر طبيعي"

GMT 04:08 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

شركة ZTE الصينية تخسر 1.1 مليار دولار تعرف على السبب

GMT 18:56 2016 الأربعاء ,16 آذار/ مارس

أفضل مستحضرات العناية بالشعر و البشرة ﻷطفالك

GMT 14:11 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

رسم للفنان الفرنسي

GMT 19:48 2012 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

هذا نذير شؤم

GMT 07:23 2015 الجمعة ,20 شباط / فبراير

عموري مبارك: صوت الأمل الجريح

GMT 10:18 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكر النسونجي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib