لصوص الأموال والنصوص
وفاة أسطورة التنس الأسترالي نيل فريزر عن عمر يُناهز 91 عاماً نادي لو هافر الفرنسي يقوم بتعليق عضوية أحد مشجعيه والذي يبلغ 6 أعوام فقط بسبب تصرفاته في الملعب إصابة 79 شخصاً نتيجة أعمال عنف بين المشجعين خلال مباراة لكرة القدم بين فريقي كارل زييس جينا وضيفه خيمي لايبزيغ 6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور نادي فيورنتينا يكشف تطورات الحالة الصحية للاعبه إدواردو بوفي الذي تعرض لإصابة مفاجئة خلال مواجهة ضيفه إنتر ميلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ينعي ضحايا التدافع المميت في مباراة كرة القدم في غينيا ويُقدم تعازيه لأسر المتوفين والاتحاد الغيني حكومة غينيا تُعلن مقتل 56 شخصاً فى حادث تدافع أعقاب احتجاجات المشجعين على قرارات طاقم التحكيم خلال مباراة لكرة القدم شركة الخطوط الجوية النمساوية تُعلن تمديد توقف الرحلات الجوية إلى طهران وتل أبيب حتى 31 يناير المُقبل استشهاد أحد عناصر أمن الدولة اللبنانى جراء استهدافه بصاروخ موجه من طائرة مسيرة إسرائيلية فى النبطية انفجار جسم غريب في في العاصمة السودانية الخرطوم واستمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع
أخر الأخبار

لصوص الأموال والنصوص

المغرب اليوم -

لصوص الأموال والنصوص

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

السرقة هي فن السطو على جهد الآخرين، سواء كان نتاج الجهد مالاً أو إبداعاً. اللصوص يعيشون في خضم الحياة مثلما يعيش بها التجار الذين يوفرون بجهدهم حاجات الناس، كوسطاء بين من ينتج ومن يستهلك، والصناع الذين يحولون المواد إلى منتج آخر يستعمله الناس، والمزارعون الذين يبذلون الجهد ليحصلوا من التراب والماء على ما يسد حاجات الناس الغذائية. أما المبدعون فهم أولئك النخبة التي تقدم من عرق عقلها ما ينفع الناس في حياتهم علماً وبحوثاً وإبداعاً.
الصديق العزيز الدكتور رشيد الخيون العلامة الكبير، وهبَ حياته للبحث العلمي في التراث العربي والإسلامي، وقدم للمكتبة العربية عشرات الكتب في التاريخ والفلسفة والفقه والأدب، قدم للقارئ العربي مؤخراً كتاباً بعنوان: «لصوص الأموال والنصوص - في التراث العربي الإسلامي». في هذا العمل الضخم، طاف الدكتور رشيد الخيون في فجاج التاريخ والتراث، وأتحفنا بصفحات من ماض رحل، ولكنه لم يزل يحوم في سماوات الوجود الذي نعيش فيه اليوم، بل له أياد يمدها وأقدام يمشي بها. لاحق الكاتب اللصوص في أماكنهم وأزمانهم، وتتبع وقائعهم ونستطيع أن نقول تقنيتهم وفنهم أيضاً. الكتاب سفر تاريخ وعبرة ومتعة. يفتتح الدكتور رشيد كتابه بمقدمة تعريفية يكتب فيها، إنه كتاب في تراث اللصوص؛ أعلامهم وحيلهم وأخبارهم وأشعارهم وعن سراق المال والأدب والفكر. خطورة النوعين واحدة، إن لم يكن النوع الأخير أكثر خطراً، لأن لص المال قد يكون له عذره لحاجته لطعام أو لباس، لكن لا عذر لسارق كتاب أو مقال أو فكر أو قصيدة، فما بالك بسارق كتبٍ شيد لها مجداً معرفياً عبر اللصوصية.
يتحفنا الكاتب بتعريفات مختلفة للصوص حسب نوع المسروق. نقلاً عن أبي منصور الثعالبي يقول:
الخارب: سارق الإبل، الأحمص سارق الغنم، قضاف سارق النقود، الطرار سارق الجيوب، عمروط أخبث اللصوص، شِص دليل اللصوص يراقب لهم عند السرقة. وأورد الكاتب حالات عدة للسرقة وما فيها من وقائع تكشف تكوينهم الإجرامي، لكن بعضها لا يخلو من الطرائف.
يورد الكاتب أن لصوصاً صاروا حكاماً. إذ يذكر التاريخ أن مسؤولين كباراً قادوا ثورات مشهورين، بدأوا حياتهم باللصوصية وقطع الطريق، ثم تحولوا إلى ما صاروا عليه من التحكم بالسلطة الجديدة، ومن هؤلاء أبو مسلم الخراساني الذي كان يعمل مع اللصوص وقاطعي الطرق، بينما قاد الرايات السود من خراسان وأسقط الحكم الأموي. لا شك أن الاسم والحدث عندما يلتصقان باللصوصية والجريمة، يدفعانا إلى الاستغراب بل يحركان الصدمة. أيعقل أن الشخص الذي أسقط الإمبراطورية الأموية العظيمة القوية، وكانت له يد بارزة في تأسيس الدولة العباسية التي عاشت خمسة قرون، كان مجرد لص مجرم؟!
رشيد الخيون يقدم لنا أول خيط الحكاية. كان أبو مسلم من أهل أصفهان، ولد في منزل عيسى بن معقل العجلي، فقطع الطريق على قوم من التجار في ضياع عيسى بن معقل. سجن في الكوفة بعد ضربه.
في السجن كان يستمع إلى الشيعة يتذاكرون في الدعوة، فيصغي لقولهم. يضطرب الأمن في الأزمات والجوائح، وتحل الفوضى عندما تصبح السلطة غير قادرة على حماية أملاك الناس، بل يحدث أن يتفق المسؤولون مع اللصوص ويعملون على حمايتهم مقابل حصة معلومة من السرقات، ويتزايد عدد اللصوص في الحروب والغزوات والاجتياحات. وقد حدث ذلك في الحروب الصليبية وعند اجتياح المغول لبغداد، وأثناء الحرب بين الأمين والمأمون ابني هارون الرشيد.
الجحفل الآخر من السراق، هم من يسطون على إبداع غيرهم، وينسبونه لأنفسهم ويتباهون بهم أمام الناس مسطوراً على صفحات يعرضونها للناس في صحف أو كتب، أو في شعر يلقونه أمامهم، أو في قصائد تضمها دواوينهم. وفي كل تلك الحالات فهم لصوص. قال السيوطي «سارق بيوت المعاني كسارق بيوت المال». كتب الخيون: لم يكن الحديث جديداً عن لصوص الفكر والأدب، وما عرف حديثاً بالسرقات الأدبية. ويضيف: صحيح أن الاهتمام بهذا النوع من اللصوصية ليس بقدم الاهتمام بلصوص المال، لكنه بدأ عند العرب قديماً أيضاً مع الشعر أولاً. قال الشاعر همام بن غالب الفرزدق: خير السرقة ما لا يوجب القطع. يقصد قطع يد السارق.
أُلفت كتبٌ كثيرةٌ حول السرقات الأدبية، خصوصاً في عالم الشعر. لكن السطو على إبداع أفكار الكتاب والمفكرين وحتى الفلاسفة، أصبح لها رواج كبير في وقتنا الحاضر. وهناك من امتهن ذلك، بل لم يكلف نفسه حتى عناء تغيير بعض الكلمات. هناك توارد الخواطر، لكن الخاطرة غير الفكرة أو الأفكار التي تكون عصارة بحث وجهد ودراسة. في كتابه «لصوص الأموال والنصوص»، يطوف بنا الدكتور رشيد الخيون، في قضية السطو على النصوص، بين الماضي القريب والبعيد والحاضر المعاش. الشعر منذ القدم لم يكن مجرد ديوان العرب، بل كان صوت التكوين والكيان. هو الصوت والسطور الحاضرة بقوة في الحرب والسلام، في الحب والكراهية. هو الإبداع في كل معامع الحياة. جماليات الشعر لا تغيب في المدح والهجاء والرثاء. كان الشعر ثروة حقيقية، لذا امتدت لها ألسنة اللصوص وأقلامهم. هل كان طرفة بن العبد، أول من تحدث عن السرقات في عالم الشعر، وربط بينها وبين الغارات التي تنتهي بالسلب والنهب للأموال والأعراض عندما قال:


ولا أغيرُ على الأشعارِ أسرقها
عنها غُنيتُ وشر الناسِ من سرقا
وإن أحسن بيتٍ أنتَ قائلهُ
بيتُ يُقالُ إذا أنشدته صدقا
وهناك شعراء عرب فحول، لاحقتهم تهمة سرقة إبداع من سبقوهم، وربما كان الشاعر أبو الطيب المتنبي أكثر من لاحقته سهام تلك التهمة، فبقدر ما كان المتعصبون له، كان المتعصبون ضده. يورد الخيون في الكتاب ما يعبر عن ذلك. أعطى العميدي مثلاً على التعصب الذي سماه بأعمى للمتنبي، أنه كان في مجلس ذكر فيه الأقيشر بيتاً لأبي الطيب يصف فيه الفرَس، وقال إنه لا يوجد شاعر جاهلي أو إسلامي ينافسه في هذا الوصف:
رجلاه في الركض رجل واليدان يدُ
وفعله ما تريد الكف والقدمُ
فقال الأقيشر: لقد أبدع المتنبي ما شاء وأغرب، وأفصح عن الغرض وأعرب. فرد العميدي بما يقارب هذا المعنى، وليوضح سرقة المتنبي ويفضح تعصب الأقيشر:
يجري كما اختاره فكأنه
بجميع ما أبغيه منه عالم
رجلاه رجل واليدان يد إذا
أحضرته والمتن منه سالمُ
المطارحات وحتى العناد طويل في السرقات الشعرية، وقد ألفت في ذلك الكتب الكثيرة.
الخلاصة، أن السطو على جهد الآخر، سواء في الأموال أو الجهد الإبداعي، لا يختلفان ولا يغيبان عن معمعة الحياة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لصوص الأموال والنصوص لصوص الأموال والنصوص



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 21:47 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد يخلد ذكرى لاعبه الراحل أسامة فلوح

GMT 09:12 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

الحريات الفردية من منظور القانون الجنائي

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 02:39 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أفضل العطور الرجالية التي تجذب النساء في 2019

GMT 08:49 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

أمينة كرم تكشّف سبب مُغادرتها قناة "طيور الجنة"

GMT 03:19 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تنتهي من نقل مسجد أثري يعود إلى العهد الأيوبي

GMT 16:21 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

لينغارد يكسر صمت لاعبي "مانشستر " بشأن رحيل مورينيو

GMT 19:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع كونراد رانغالي آيلاند في جزر المالديف

GMT 06:17 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عُلماء يكشفون أسباب كذب الأطفال ويؤكدون "أمر طبيعي"

GMT 04:08 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

شركة ZTE الصينية تخسر 1.1 مليار دولار تعرف على السبب

GMT 18:56 2016 الأربعاء ,16 آذار/ مارس

أفضل مستحضرات العناية بالشعر و البشرة ﻷطفالك

GMT 14:11 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

رسم للفنان الفرنسي

GMT 19:48 2012 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

هذا نذير شؤم

GMT 07:23 2015 الجمعة ,20 شباط / فبراير

عموري مبارك: صوت الأمل الجريح

GMT 10:18 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكر النسونجي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib