الكويت في رجاء خير

الكويت في رجاء خير

المغرب اليوم -

الكويت في رجاء خير

محمد الرميحي
بقلم - محمد الرميحي

بدأ العام الجديد في الكويت ببشرى سارة، هي تكليف الدكتور محمد الصباح تشكيل الحكومة المقبلة، وذاك مؤشر على ما يرجوه الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح للكويت، فقد كانت خطبه المتعاقبة، وهو نائب الأمير، تنم عن ضيق بما جرى ويجري في الكويت من تعثر في المسيرة، والتلكؤ في اللحاق بالركب. وبتكليف محمد الصباح، استبشرت قطاعات واسعة من الجمهور أن القادم أفضل، بما يحمله من خبرة وذخيرة معرفية، وهو دليل على نية الأمير أن ينقل البلاد بشكل نوعي إلى مستقبل مستحق.

لعل العنوان الرئيسي للمرحلة المقبلة في الكويت هو التحول إلى «تنويع مصادر الدخل» في ضوء ما يجري في العالم، أولاً من تذبذب أسعار النفط، وثانياً التوجه العالمي للاستغناء التدريجي عن الطاقة الأحفورية.

هذا العنوان سهل أن يُذكر، أما تحقيقه في المستقبل المنظور فهو يحتاج إلى جهد استثنائي، المهمة صعبة أمام الرئيس المكلف، ولا يتوقع منصف أن «تنتهي العثرات» السابقة بين يوم وليلة، إلا أن التوجه هو «الآن وليس غداً»، وعلينا أن نبدأ. الكويت تزخر بالعازفين المتميزين «من المتخصصين» على كل آلة، إن صح التعبير المجازي، ما كان ينقص لإكمال السيمفونية هو المايسترو، ويبدو أنه أصبح هناك مايسترو يقود وينظم العزف، يخرج الأضعف من العازفين، ويبقي الأقوى والأكثر حذقاً في سبيل تحقيق الهدف العام.

لعل أولويات العمل المقبل لتحقيق ذلك الهدف الكبير تعتمد على عدد من العناصر الرئيسة. أجتهد بتقديم بعض رؤوس الأقلام حولها، ولست بغافل أن هناك من لهم أفكار أفضل وأنضج.

أولاً؛ حتى يتم إنتاج سياسة عامة فعّالة، فذلك يعتمد على جودة المعلومات التي تصل إلى صانع القرار، وهي معلومات خاصة بالاقتصاد والاجتماع والتعليم والصحة والأمن والعلاقات الخارجية وأخرى كثيرة، وهي تُصنع إن صح التعبير من جهاز أو أجهزة تقليدية حتى الآن، فجودة المعلومات تتطلب أولاً النظر في مصادر تلك المعلومات ودقتها وحداثتها، ولا أعرف - من خبرة - أن هناك جهازاً في الدولة يملك أو يهتم بما يُعرف بـ«البحث والتطوير» مركزياً، كي يبني القرار وخياراته على معلومات دقيقة، وهناك كثير من القرارات في السابق بُنيت على معلومات خاطئة، لذلك هناك أهمية قصوى لرسم رؤية، ووضع خطط للقضايا الرئيسية، وتنظيم أولوياتها، والشروع التدريجي في تنفيذ العاجل منها، ومتابعة منظومة فعّالة للأداء، والنظر الجاد في منظومة تسكين الوظائف الحكومية.

ثانياً؛ الفريق الوزاري، وكثيراً ما قيل إن كثيراً من الحكومات «في السابق» هي ائتلافية، وفي قول آخر «محاصصة»، طبيعي أن يشترك فيها أشخاص من أطياف المجتمع، لكن الحرص على الكفاءة من جهة والانسجام بين أعضائها له أهمية خاصة. ومن التجارب السابقة؛ ما عطّل العمل الحكومي هو «الأذان خارج المواقيت» إن صح التعبير، أي أن كل وزير له خططه الخاصة، وقد تتعارض مع خطط وزير آخر. قد جرب المجتمع الكويتي ذلك في أكثر من مرحلة سابقة، من دون الدخول في تفاصيل، لذلك فإن الانسجام والعمل كفريق له أهمية قصوى في المرحلة المقبلة، والتشكيل الوزاري القادم سيكون مؤشراً هاماً، إما إلى تقدم أو إلى مراوحة.

ثالثاً؛ من الأوليات اجتثاث «ما أمكن» منظومة الفساد، والأخير تعريفه: «استخدام سلطة لتحقيق منفعة» والفساد ليس جديداً ولا طارئاً في المجتمعات، سواء أكانت غنية أم فقيرة، هو كالفطر ينمو في غياب عاملين: «الرقابة الفعالة، والتراخي في اتخاذ القرار». لذا فإن جهاز متابعة الفساد «نزاهة» يحتاج أن «تنمو له أسنان» من خلال النظر في تطوير قانونه الحالي!

رابعاً؛ التقنية هي المستقبل، ولا تقوم صناعة تقنية متقدمة من دون تعليم له أولوية في الجودة، وليس في الكم فقط، وأحد معوقات تقدم الكويت ما تردى فيها من التعليم، أولاً جراء تدخلات سياسية، وثانياً نقص كفاءة حجم وازن لكثير من القائمين على الخدمة، لذلك فإن الاقتراح المعطل منذ سنوات، القائل باستقدام مؤسسات تعليمية ذات كفاءة، وأيضاً جامعة أهلية «غير ربحية»، لتشجيع المنافسة بين المؤسسات التعليمية، فالاقتصاد القادم هو اقتصاد خدمات قائم على التقنية العالية، كما أن الأخيرة تساهم في خفض نسبة الفساد في العمل، العام والخاص. ما هو متوفر من اجتهادات تعليمية وتقنية حتى الآن له مردود ضعيف، وبعضه غير ذي قيمة مضافة، كما أن شعار «الحكومة الإلكترونية» رغم ما خلفه من أمنيات طيبة، إلا أنه لم يتحقق كما يجب، مقارنة بالجيران.

خامساً؛ من دون تقليل في النجاح النسبي لقطاع الصحة، فإنه تجب إعادة الزيارة له من جديد، فهو لا يحتاج إلى إدارة حديثة فقط، بل إلى رؤية شاملة، وقد طُلب من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي منذ سنوات تقديم دراسة لتطوير القطاع، وصرفت على تلك الدراسة مبالغ كبيرة، إلا أنه بمجرد تغيير الوزير، وُضعت تلك الدراسة على الرفّ، وهو «مثال لكثرة العازفين وعدم وجود المايسترو»!

سادساً؛ التكتلات الإقليمية هي رادف مهم للأمن والاقتصاد معاً، لذلك توثيق العلاقات مع الجوار الخليجي، حيث يغلي الإقليم بمشكلات سياسية وصراعية، يحتاج إلى فريق يقود تلك العلاقات بحذق، يُعظم المشترك ويُقلل الخلاف، مع ترتيب دولي فاعل، بعيد عن الأنانية والمصالح الضيقة.

سابعاً؛ خلق بيئة فعالة لتنشيط القطاع الخاص، من أجل تعظيم مساهمته في الدخل الوطني، من خلال عدد من الخطوات، منها إزالة التناقض في التشريعات القائمة، وبعضها معطل، وربما متناقض، بسبب «الاجتهادات الشخصية»، وتحويل البلاد إلى مكان جاذب للاستثمار والشراكات النافعة للمجتمع.

ثامناً؛ هناك قوة ناعمة «اقتصادية وثقافية» تميزت بها الكويت، تم في السنوات الأخيرة إجهاضها، بسبب الضغط غير العقلاني من «حراس النوايا»، وهو القطاع الثقافي والإعلامي، بمشمولاته المختلفة من تأليف ونشر ونشاط مسرحي ونشاطات ثقافية، وتزخر الساحة بهؤلاء المبدعين، الذين تعطل انطلاقهم عقبتان؛ قوانين جامدة وإدارة لا تعرف أهمية النشاط الثقافي كقوة ناعمة ورافعة للبلد، وإضافة اقتصادية، عرفت بها البلاد وتميزت.

آخر الكلام... ما تقدم هو خطوط عريضة، ساهم البعض في تقديم أمثالها، أملاً في تحقيق النقلة النوعية المنتظرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت في رجاء خير الكويت في رجاء خير



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 15:27 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء
المغرب اليوم - هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء

GMT 09:19 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
المغرب اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة

GMT 08:05 2022 الأحد ,20 آذار/ مارس

مطاعم لندن تتحدى الأزمات بالرومانسية

GMT 15:13 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

شاب يذبح والدته ويلقيها عارية ويثير ضجة كبيرة في مصر

GMT 12:02 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تعرفي علي اطلالات أزياء أمازيغية من الفنانات مغربيات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib