إسرائيل مرعوبةٌ من نجاح مُفاوضات فيينا الأميركيّة الإيرانيّة أو فشلها أيضًا كيف

"إسرائيل" مرعوبةٌ من نجاح مُفاوضات فيينا الأميركيّة الإيرانيّة أو فشلها أيضًا كيف؟

المغرب اليوم -

إسرائيل مرعوبةٌ من نجاح مُفاوضات فيينا الأميركيّة الإيرانيّة أو فشلها أيضًا كيف

الكاتب عبد الباري عطوان
بقلم ـ عبد الباري عطوان

تهديدات الجنرالات الإسرائيليين بإعادة ايران الى العصر الحجري اذا لم تتخل عن برامجها الصاروخية الباليستية، وبرامجها النووية، واذرعها الإقليمية العسكرية الحليفة، تلخص حالة الرعب التي تعيشها “إسرائيل” حاليا مع بدء اعمال الجولة “السابعة” من المفاوضات بين ايران والدول الست العظمى اليوم في فيينا.
“إسرائيل” قد تكون الخاسر الأكبر في الحالين: التوصل الى اتفاق، وهذا يعني رفع العقوبات عن ايران وتدفق مئات المليارات عليها دون تقديم تنازلات ذات شأن، او انهيار المفاوضات، وهذا يعني في أسوأ الأحوال اندلاع حرب قد تؤدي ليس الى اعادتها، أي إسرائيل،  الى ما قبل العصر الحجري، وانما ازالتها من الوجود كليا مثلما هدد جنرالات ايران اكثر من مرة وابرزهم علي شمخاني مستشار الامن القومي، لان آلاف الصواريخ ستنهال عليها من كل الاتجاهات، ومن مختلف الاحجام والابعاد، وهذا ما يفسر “هرولة” رئيس المخابرات السعودية خالد الحميدان للتفاوض معها اربع مرات في بغداد لتجنب المصير نفسه لانعدام الثقة بالحليف الأميركي وحمايته.
ايران ذاهبة الى مفاوضات فيينا، وحسب اقوال السيد علي باقيري كاني، رئيس وفدها ليس للتفاوض على برنامجها النووي، وانما للتوصل الى اتفاق اقتصادي، برفع كامل العقوبات الامريكية، والإصرار على اتخاذ واشنطن الخطوة الأولى في هذا الصدد، وتقديم ضمانات بعدم العودة اليها، أي العقوبات، حتى من قبل الإدارة الامريكية المقبلة،، سواء كانت برئاسة دونالد ترامب او غيره، وهذا شرط تعجيزي لا يصدر الا من موقع قوة.
***
لنترك التحليلات “الصفصطائية” التي قرأناها ونقرأها منذ ان بدأت الجولة الاولى من المفاوضات قبل عامين تقريبا، ونضعها جانبا، ونركز على عدة نقاط رئيسية:
أولا: ايران ترفض حتى الآن وجود الوفد الأميركي في أي مفاوضات مباشرة معها، أي وجها لوجه، واذعنت “أميركا بادين” لهذا الشرط، ولا نعتقد ان هذا الموقف سيتغير في الأيام القليلة القادمة الا اذا تعهدت اميركا برفع كامل للعقوبات.
ثانيا: استئناف المفاوضات يعني فشل “إسرائيل” في تحقيق هدفها، أي جر الولايات المتحدة الى خوض حرب مع ايران، رغم انها تعرف جيدا، أي أمريكا، ان الجانب الإيراني كان يحاول كسب الوقت لا اكثر ولا اقل، والسير قدما في برامجه النووية، ورفع تدريجي لنسب التخصيب.
ثالثا: من يحكم ايران حاليا هو “السيد” إبراهيم رئيسي، الرئيس “الثوري”، والأكثر قربا من السيد علي خامنئي، المرشد الاعلى، الذي لن يغفر للجناح “المعتدل” بقيادة الرئيس السابق حسن روحاني إضاعة خمس سنوات على الأقل من عمر البرنامج النووي الإيراني في مفاوضات واتفاق عبثي انسحبت منه أمريكا بضغط إسرائيلي، اعطى وسيعطي نتائج عكسية.
رابعا: ايران اليوم باتت في موقع قوة عسكرية وسياسية، وقريبا اقتصادية، واستطاعت امتصاص معظم آثار العقوبات، وأصبحت “دولة حافة نووية”، تستطيع انتاج اول قنبلة نووية في غضون شهر، حسب تأكيدات وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن ومعظم الخبراء، هذا اذا لم تكن قد انتجتها فعلا، فهي تملك حوالي 30 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة من الوقود اللازم لانتاج اي رأس نووي، مثلما تمتلك معدن اليورانيوم للهيكل الرئيسي، واي اتفاق مرحلي او شامل لن يغير من هذه الحقيقة.
خامسا: ان تمنع ايران رافائيل ماريانو غروس رئيس هيئة الطاقة الذرية، وفريق المفتشين المرافق له من دخول أي منشآت نووية، او الحصول على تسجيلات لكاميرات التصوير فيها، هذا اذا كانت تعمل فعلا، فهذا قرار دولة ذات سيادة، لا تخاف من التهديدات، وتملك قرارا مستقلا.
سادسا: ارسال الولايات المتحدة طائرات قاذفة عملاقة من طراز “B2” قادرة على حمل “ام القنابل” بصحبة طائرات “اف 15” إسرائيلية اعطى حتى الآن نتائج عكسية، ولم يدفع الطرف الإيراني لتغيير موقفه المتشدد في المفاوضات، بل ما حدث هو العكس، والشيء نفسه يقال عن التهديدات الإسرائيلية بضرب ايران التي لم تتوقف منذ عشر سنوات، او اكثر.
***
المسألة ليست مسألة نجاح او فشل هذه المفاوضات في فيينا، وانما مسألة من يستطيع فرض شروطه، ايران ام الولايات المتحدة، ومن يتنازل او يتصلب في مواقفه، ونستطيع ان نقول، ومن خلال متابعة التطورات الاحدث في المنطقة، ان الولايات المتحدة انهزمت في الجولات الست الماضية، ومن غير المعتقد انها ستفوز في السابعة، في ظل التشدد الإيراني، ورفض الرضوخ للضغوط.
“إسرائيل” هي التي جرّت الولايات المتحدة الى هذا المأزق، اعتقادا منها انها تستطيع ان تجرّها الى الحرب مع ايران، معتمدة على “غباء” ترامب وتهوره” وسيطرتها على صهره جاريد كوشنر، ولا نعتقد انها ستجرّها الى هذه المصيدة القاتلة، أي الحرب، في حال انهيار المفاوضات، فمن انسحب من التزاماته بمقتضى الاتفاق النووي عليه ان يدفع الثمن، وليس الطرف الذي بقي متمسكا به، رغم ان الانسحاب كان اكبر هدية إسرائيلية غير مقصودة لايران.
ايران في موقف قوة، وسلاحها الأكبر هو قدرتها على الصمود، واتخاذ القرار، والاعتماد التسليحي الذاتي وعلى اذرع عسكرية حليفة لن تخذلها مطلقا في لبنان والعراق واليمن وقطاع غزة المحتل، اما أميركا المهزومة في أفغانستان، وحلفاؤها الذين تعلموا الكثير من دروس هذه الهزيمة المهينة، فلم تعد القوة العظمى المهابة الجانب، ولعل الرعب الإسرائيلي الذي يبلغ ذروته هذه الايام هو الدليل الأبرز.. اميركا ستكون الخاسر الأكبر في هذه المفاوضات، ولن تذهب الى الحرب من اجل عيون الإسرائيليين الهلعين والعرب المطبعين معها.. والأيام بيننا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل مرعوبةٌ من نجاح مُفاوضات فيينا الأميركيّة الإيرانيّة أو فشلها أيضًا كيف إسرائيل مرعوبةٌ من نجاح مُفاوضات فيينا الأميركيّة الإيرانيّة أو فشلها أيضًا كيف



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 21:24 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 09:02 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 18:10 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 07:57 2016 الأحد ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هافانا ذات الجو الحارّ غارقة في التاريخ ونابضة بالحياة

GMT 06:44 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

هنيئا لنا برئيس حكومتنا الذي يُضحكنا..!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib