دخول الأميركيين في صراع سوريا

دخول الأميركيين في صراع سوريا

المغرب اليوم -

دخول الأميركيين في صراع سوريا

بقلم - عبد الرحمن الراشد

يجري بناء جيش سوري من ثلاثين ألف مقاتل في شرق الفرات، حدوده بين جنوب تركيا وشمال العراق. نصفه من أكراد سوريا والنصف الآخر من أبناء المناطق العربية وغيرهم. الولايات المتحدة هي صاحبة المشروع، وهي اللاعب الجديد، التي قررت أخيراً أن تخوض الحرب السورية بدعم القوى المحلية المعارضة، والعمل كقوة على الأرض، حتى تفرض رؤيتها للحل السياسي حيال سوريا.
وكانت جريدة «الشرق الأوسط» أول من انتبه للتغييرات الميدانية المتسارعة ووصفتها بأنها مشروع ولادة دولة جديدة في سوريا.
بالفعل هي تطور مهم يقوم على قوة جديدة، لكنها لن تكون دولة بمفهومها القانوني، لأن تقسيم وتأسيس دول جديدة عملية سياسية وقانونية وعسكرية معقدة وخطيرة، وفيه شبه إجماع دولي على رفضها، وهذا ما حال بين الأكراد في العراق وحلمهم بإقامة دولتهم في الإقليم الذي تحت سيطرتهم الكاملة.
مشروع إقليم شرق الفرات السوري، أقل من دولة وأكثر من منطقة حماية. في شهادته أمام الكونغرس تحدث ديفيد ساترفيلد، المكلف بإدارة ملف الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأميركية عن المشروع بأنه سيكون نموذجاً جديداً في سوريا. ومن شهادته تبدو الدويلة المقترحة مشروعاً موجهاً لتنفيذ عدة أهداف كبيرة يعمل فيها دبلوماسيون ومخابرات وقادة عسكريون.
هذه المرة فاجأت الولايات المتحدة الجميع، وعلى غير العادة، بأنها قادرة على تبني أفكار جديدة، وبناء مشروع من الصفر، والحفاظ على سريته. باسم محاربة «داعش» في شرق وجنوب سوريا بعثت تدريجياً قواتها وخبراءها ليبلغ العدد نحو خمسة آلاف، أكثر من نصفهم في شرق الفرات السوري. وهي تقوم بجمع وتدريب قوة كبيرة من ثلاثين ألف سوري. وكان أول انتصاراتهم هزيمة «داعش» في الرقة.
أول ردود الفعل المعارضة لم ترد من نظام دمشق ولا من إيران، كما كان متوقعاً، بل من تركيا التي أعلنت أنها لن تسكت عن المشروع الأميركي، وأنها ستدخل في حرب مع الأكراد السوريين المسلحين، الذين تعتبرهم امتداداً للأكراد الأتراك «الانفصاليين الإرهابيين». والجميع ينتظر أول معركة للقوات التركية في عفرين خلال الأيام المقبلة.
موقف تركيا المرتاب في أي قوة كردية مسلحة على حدودها مفهوم ومبرر، لكن امتناع تركيا عن مواجهة إيران في سوريا خلق فراغاً يفرض دخول قوة بديلة لهذه المهمة. والدول المنخرطة في الصراع عرفت نقطة الضعف التركية ونجحت في الاستفادة من السياسة الإردوغانية البراغماتية التي تبدو مستعدة للتعاون والتنازل مع أي طرف تخشى أنه ينوي دعم خصومها الأكراد. هذا ما فعله الإيرانيون ثم الروس، فسارعت أنقرة للتصالح معهم مقابل وقف دعمهم الأكراد. الأميركيون، ربما، يشعرون أنهم في حاجة إلى إيصال الرسالة نفسها إلى أنقرة. وهناك رسالة أميركية أهم موجهة للنظام الإيراني بأن سوريا ستكون فيتنام إيران.
القوة السورية الجديدة قد تكون أفضل خيار لتحقيق سلام معقول في سوريا، وليس سلام «سوتشي» الذي يخطط له الروس والإيرانيون من أجل فرض حل بالقوة في سوريا. إيران تريد سلاماً يسمح لها باحتلال سوريا وفرض نفوذها على لبنان والعراق، الأمر الذي يحقق لها في الأخير قدرة تفاوضية عالية في ملفاتها الإقليمية وكذلك في علاقتها مع الغرب.
وإيران تسابق الوقت؛ تسعى للاستيلاء على مناطق سبق أن وافق الروس على أن تترك تحت إدارة المعارضة المدنية. عضو وفد المعارضة ياسر الفرحان تحدث عن الاتفاق وكيف خرقه الإيرانيون. يقول: «رسمت الخرائط بشكل صريح على أن هذه المناطق لا يدخلها النظام، تديرها مجالس محلية منزوعة السلاح الثقيل، ويبقى السلاح الخفيف بيد قوات الأمن والدفاع المدني المحلي، لتأمين خدمات الناس»، و«أن الاتفاق يقضي بعدم دخول الميليشيات الإيرانية، ولا قوات النظام، وإنما مجموعة قليلة من القوات الروسية حصراً، كقوات مراقبة تتموضع بثلاث نقاط، تشرف على تطبيق الاتفاق. وأنه خلف الخط الفاصل بين الطرفين تتمركز القوات التركية فيها». وكما نرى، فإن الميليشيات الإيرانية لم تحترم الاتفاق، ولا روسيا أجبرتها على احترامه، ولا تدخلت القوات التركية. هذا النشاط الإيراني يبرهن على أن اتفاقات «سوتشي» ليست محل ثقة، ما يجعل قيام قوة موازية ضرورة في ظل السباق الإقليمي على السيطرة على سوريا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دخول الأميركيين في صراع سوريا دخول الأميركيين في صراع سوريا



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة

GMT 08:05 2022 الأحد ,20 آذار/ مارس

مطاعم لندن تتحدى الأزمات بالرومانسية

GMT 15:13 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

شاب يذبح والدته ويلقيها عارية ويثير ضجة كبيرة في مصر

GMT 12:02 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تعرفي علي اطلالات أزياء أمازيغية من الفنانات مغربيات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib