العراق انتخابات بلا أميركيين

العراق... انتخابات بلا أميركيين

المغرب اليوم -

العراق انتخابات بلا أميركيين

بقلم - عبد الرحمن الراشد

حمي الوطيس في بغداد، حيث بقي أقل من أسبوعين على الانتخابات البرلمانية العراقية، التي تقرر أيضاً رئاسة الوزراء.
هذه هي الانتخابات الرابعة منذ سقوط نظام صدام حسين، وكثيرون يصفونها بالديمقراطية المشوهة، بسبب نفوذ القوى الدينية، والتدخلات الأجنبية، والفساد السياسي. إنما تظل نسبياً أفضل من غيرها من الديمقراطيات العربية. ومع أن كثيرين تنبأوا بسقوط النظام السياسي البرلماني بخروج الأميركيين، وهم مهندسوه، إلا أن هذه هي الانتخابات الثانية التي تتم من دونهم.
الأميركيون صمموا نظام العراق ليكون برلمانياً فيدرالياً، وليس رئاسياً حتى يستوعب الاختلافات التي تميز العراق في إثنياته ولغاته وأديانه، ويتحاشى سلطة الفرد الواحد، وصار لكل مائة ألف مواطن مقعد واحد يمثلهم.
للفوز برئاسة الحكومة، يحتاج المرشح إلى الأغلبية، 165 نائباً، من إجمالي 329 نائباً. وبسبب التعددية الحزبية تقريباً يستحيل ذلك من دون تحالفات سياسية تحت قبة البرلمان. ومحافظة بغداد هي الأهم لأنها الأكبر بفارق كبير ولها 69 مقعداً.
العراقيون لهم تاريخ حضاري عظيم ينافس الرومان واليونانيين والفراعنة. هم من اخترع الحرف، وهم أول من كتب القانون. لكن الحضارات، بكل أسف، لا تورث، بل حتى التاريخ القريب للعراق لم يورث. من يتخيل أن العراقيين مارسوا التصويت في عشرة انتخابات في عهد الملكية في النصف الأول من القرن الماضي.
ففي العشرينات، أي قبل نحو مائة عام، كانت بغداد مدينة مزدهرة، حديثة، شبه أوروبية. بعد إخراجهم العثمانيين، بنى البريطانيون فيها مجلسين برلمانيين؛ أحدهما منتخب من العامة والآخر معين للشيوخ. وهم من أسس دولة العراق الحديثة بحدودها الحالية، وكذلك أقاموا نظاماً سياسياً يشبه نظامهم، فجعلوها مملكة في عام 1921. بعدها بـ11 سنة استقلت عن التاج البريطاني، ودامت المملكة العراقية مزدهرة إلى 1958 حينما ظهرت موجة الانقلابات العسكرية في المنطقة التي جلبت الدمار وعدم الاستقرار.
ولطالما كان العراق هدفاً للغزو، وممراً للغزاة وموطناً للحضارات المحلية مثل السومرية والبابلية. غزاه الرومان من الغرب، والساسانيون الفرس من الشرق، والمسيحيون العرب المناذرة من الشمال، والمغول من أطراف الصين، وعرب شبه الجزيرة من الجنوب، والأتراك والبريطانيون. العراقيون أنفسهم أمم متعددة، لهذا يحتاجون إلى هذا النظام الفيدرالي البرلماني، ضمن توازن دقيق، حتى يستطيعوا الحفاظ على العراق. وليس غريباً أن إيران الخامنئية تحاول جاهدة الاستيلاء على معظم جارتها العراق، اعتقاداً منها أن ذلك سيمنح نظامها الثيوقراطي النفوذ والديمومة، لكنها في الواقع تهدم المعبد على رأسها. كل الذين حاولوا ركوب وترويض هذا الحصان العراقي وقعوا، بمن فيهم عراقيون مثل صدام حسين، الذي بلغ به جنون العظمة أن يتصور أنه قادر على فرض نفوذه على إيران ودول الخليج العربية. ولهذا كررت الحكومة الأميركية الحالية تحذيراتها لطهران بأنها لن تسمح لها بالهيمنة على العراق كبلد استراتيجي. وما حدث في الانتخابات العراقية الماضية قصة لم تروَ بالكامل بعد، حيث قررت القوى العراقية والأميركيون ضرورة التخلص من نوري المالكي رئيس الوزراء الذي هيأ لنفسه الفوز بكل السبل. وتم التخلص منه في ليلة مظلمة، شبه انقلاب، والسيطرة على قواته الحرس الجمهوري. ولم يكن هناك شجاع داخل حزبه، حزب الدعوة، ليأخذ مكانه سوى حيدر العبادي بعد أن هرب مرشحون آخرون خوفاً من رفيقهم المالكي الذي هدد منافسيه بمحاكمات الفساد وغيرها من أجل أن يبقى في رئاسة الوزراء فترة ثالثة، والأرجح مدى الحياة.
الانتخابات المقبلة مهمة لتثبيت النظام السياسي، لكنها قد لا تُصلح من حال البلاد التي تحتاج إلى التفرغ للتنمية، وتقليص العسكرة، والتخلص من نفوذ نظام خامنئي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق انتخابات بلا أميركيين العراق انتخابات بلا أميركيين



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة

GMT 08:05 2022 الأحد ,20 آذار/ مارس

مطاعم لندن تتحدى الأزمات بالرومانسية

GMT 15:13 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

شاب يذبح والدته ويلقيها عارية ويثير ضجة كبيرة في مصر

GMT 12:02 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تعرفي علي اطلالات أزياء أمازيغية من الفنانات مغربيات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib