هل سيختلف جنيف القادم عن سابقاته

هل سيختلف جنيف القادم عن سابقاته؟

المغرب اليوم -

هل سيختلف جنيف القادم عن سابقاته

عريب الرنتاوي

التأجيل المتكرر لموعد انطلاق مفاوضات جنيف السورية، لا يمكن ردّ أسبابه لاعتبارات لوجستية و”عملانية” كما تقول مصادر الموفد الدولي ستيفان ديمستورا ... التأجيل عائد لأسباب تتعلق باتساع فجوة الخلافات بين المعارضة ورعاتها من جهة والنظام وحلفائه من جهة ثانية، وليس ثمة ما يشي، بأن تأجيل المفاوضات أسبوعاً إضافياً، سوف ينهي الخلاف أو يجسر الفجوة. 
لن ينخرط النظام في محادثات تبدأ بعنوان “رحيل الأسد وتحويله إلى محكمة الجنايات الدولية” ... هذا “حلمٌ” لم يتحقق لخصوم الأسد، وهم يقفون على مبعدة بضعة كيلومترات من القصر الجمهوري في دمشق، فكيف لهم أن يتطلعوا لتحقيقه، أو حتى لمجرد طرحه على مائدة المحادثات، فيما قوات النظام تحقق اختراقات استراتيجية على جبهات عدة، مدعومة بانتشار روسي كثيف في السماء وعلى الأرض، والتزام من قبل طهران وحزب الله منقطع النظير. 
ولن تقبل المعارضة ورعاتها، من عرب وأتراك، بأن تدور المحادثات حول بند “محاربة الإرهاب”، كما تطلب دمشق وحلفاؤها، هنا تصبح وظيفة المعارضة، ضم جهودها إلى جهود النظام في القتال ضد “داعش” و”النصرة”، من دون أية ضمانة من أي نوع، لإمكانية حدوث أي تغيير في طبيعة النظام السياسي ... هنا تتحول المعارضة، إلى مجرد كتيبة إضافية من كتائب الجيش السوري وحزب الله المقاتلة على جبهات عديدة. 
لقد نجح التوافق الأمريكي – الروسي في تحقيق أمرين اثنين حتى الآن، وبالضد من رغبة وإرادة حلفاء البلدين المتحاربين على الأرض السورية... الأول؛ تأكيد “عدم ارتباط” مسار التهدئة على الأرض بمسار المفاوضات في جنيف، وهو ربط لطالما شددت عليه المعارضة تحديداً، حتى أن رياض حجاب شدد على أن المحادثات لن تبدأ قبل أن تبلغ الانتهاكات للهدنة نقطة “الصفر” ... والثاني؛ تأكيد ديمومة الهدنة، بل والتشديد على إمكانية تحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار، وبوجود مراقبين دوليين، وهو أمرٌ لا يرغب فيه النظام، وتؤكد المعارضة أنها قبلت بهدنة مؤقتة ومشروطة، ولمدة أسبوعين لا أكثر ولا أقل. 
تحت جناح هذا التوافق بين القطبين الدوليين، ستلتئم المحادثات في جنيف، ربما في منتصف الشهر الجاري، وبمشاركة الأطراف ذاتها تقريباً، وغياب الأطراف ذاتها، بالأخص وحدات الحماية الشعبية وقوات سوريا الديمقراطية، بسبب الفيتو التركي، وسيتعين على الدولتين الراعيتين والضامنتين لمساري الهدنة والمحادثات، أن تبذلا جهوداً أكبر، إن أرادتا للمحادثات أن تخرج من دائرة الاستعصاء المغلقة من أجل تحقيق هدفين اثنين: الأول، إعادة تشكيل الوفد السوري المعارض، بضم القوى والشخصيات والمكونات التي قاطعت مؤتمر الرياض أو لم تدع إليه ... والثاني، إجبار الأطراف على الدخول في محادثات ذات مسارات متوازية ومتعددة، تتناول مختلف أوجه القرار 2254، فيبحث فريق في محاربة الإرهاب، ويمضي فريق آخر في العمل لبناء توافق على شكل نظام الحكم، وينكب خبراء على اقتراح تعديلات دستورية، على أن يكون القرار النهائي بشأن نتائج أعمال مجموعات العمل المختلفة، رهن بالاتفاق على جميع هذه المحاور كسلة واحدة، وليس على واحدٍ منها دون الآخر، ولا تعد موافقة أي فريق على أي تفاصيل هنا وهناك، ملزمة، ما لم يجر الاتفاق على العناوين كافة. 
لا يبدو أن الأزمة السورية، تقترب من وضعية كهذه، والأرجح أن محادثات جنيف القادمة، ستدور في فلك التهدئة والمساعدات الإنسانية، وقد تلامس سطح الموضوعات السياسية الأساسية، من دون الدخول إلى عمقها ... ولا يبدو أن ثمة جهوداً حقيقية تبذل على “المسار السياسي”، فالدولتان الكبريان، أكثر انشغالاً بترتيبات التهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار، وفرز غث المعارضات المسلحة عن سمينها، وستأخذ عمليات المطاردة والملاحقة للمنظمات الإرهابية المسلحة والمتعاونين معها، مكانة الصدارة في أولويات رعاة المؤتمر... ولأن التهدئة ومحاربة الإرهاب غير ممكنتين من دون “مظلة السياسية” فإن الحاجة تقتضي استمرار العمل بمسارات جنيف واجتماعاتها، وإبقاء ديمستورا مشغولاً طوال الوقت، في إنجاز الترتيبات اللوجستية لوصول الوفد من إنجاز تأشيرات الدخول إلى سويسرا، مروراً بحجز الفنادق وترتيب القاعات. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل سيختلف جنيف القادم عن سابقاته هل سيختلف جنيف القادم عن سابقاته



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 06:41 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وفاء عامر تكشف أسباب اعتذارها عن مسلسل "سيد الناس"
المغرب اليوم - وفاء عامر تكشف أسباب اعتذارها عن مسلسل

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib