لعبة روسيا المركبة في سوريا

لعبة روسيا المركبة في سوريا

المغرب اليوم -

لعبة روسيا المركبة في سوريا

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

تدير موسكو لعبة شديدة التعقيد في سوريا… هدفها الأوحد تكريس دورها كلاعب رئيس، إن لم نقل مهيمن على الملعب السوري، أما طرقها فمتعددة.ففي زمن المعارك البرية الكبرى، تعيّن عليها الاعتماد على ”الحرس الثوري“ الإيراني والميليشيات الموالية لطهران، من أفغانية وباكستانية ولبنانية… بوتين ليس بوارد التفريط بحيوات جنوده، وآخر ما يحتاجه الكرملين، عودة جثث جنوده في أكياس بلاستيكية أو صناديق خشبية من سوريا… لكن زمن المعارك الكبرى قد ولّى كما صرّح بذلك الكرملين منذ زمن، فبات بإمكانه الاستغناء عن الوجود الإيراني الكثيف.

تعلم موسكو أن إنهاء الوجود الإيراني في سوريا، ليس مهمة واقعية، أقله دفعة واحدة، أو في زمن قصير، فطهران بنت لنفسها منازل كثيرة في ”الشام القديمة“ … لكنه سيوفر للأسد بدائل ومخارج، وسيمنح ضوءا أصفر لتل أبيب باستهداف مواقع إيران على الأرض السورية، حتى وإن تسبب ذلك ببعض الحرج لموسكو، وأثار المزيد من التساؤلات والاتهامات … التفاهمات التي أبرمها بوتين مع نتنياهو حول هذه المسألة، أعاد تجديدها لنفتالي بينت في زيارة الأخير للعاصمة الروسية.

لكن موسكو تصاب ببعض من عسر الهضم وهي ترى إسرائيل تتمادى في تحويل الضوء الروسي الأصفر إلى ضوء أخضر، فتستهدف الجيش السوري ببعض من غاراتها وصواريخها التي تطلق من خارج الأرض والأجواء السورية … لكنه ”عسر هضم“ من النوع المحتمل، يربك قليلا وقد يتسبب ببعض الأعراض الجانبية، بيد أنه ليس من النوع الذي يطرح المصاب به في الفراش.

تقليص النفوذ الإيرانيفي سوريا، مصلحة روسية وإسرائيلية مشتركة، ولكل طرف حساباته وأولوياته، بل ولكل منهما نظرته للكيفية التي يمكن بواسطتها إنجاز هذه المهمة … إسرائيل تستعجل وروسيا تستمهل إنجازها.

في الشمال السوري، تبدو المهمة أشد تعقيدا على ”القيصر“، فالملعب هناك لا يحتمل الخطأ، بوجود الجيشين التركي والأمريكي على الأرض في الشرق والغرب … والحسابات الروسية حيال تركيا بخاصة، تتجاوز الملف السوري إلى ملفات الغاز والطاقة وصواريخ ”إس 400″، ورغبة دفينة في إبعاد أنقرة عن بروكسيل وواشنطن، وهي العضو الكبير في حلف الناتو … من هنا، يجد الكرملين نفسه، مرغما على ”التسامح“ مع رغبات ”السلطان“ في تنفيذ اجتياحات برية للشمال السوري، مع قليل من الضوابط التي يمكن التفاهم بشأنها في قمم ”سوتشي“ المتعاقبة.

لكن ليس كل تدخل تركي، مرفوض من موسكو، فالوضع السيئ الذي ينجم عن هذه التدخلات، تسعى روسيا في تحويله إلى وضع حسن، فتحت سيف الاجتياحات والتهديدات التركية بالمزيد منها، يجري ”تدجين“ الحركة الكردية، وتنتعش الوساطة الروسية بين القامشلي ودمشق، وربما يسهم ذلك كله في توسيع الفجوة بين أنقرة وواشنطن، كل ذلك يمكن أن يفيد ”القناة الخلفية“ النشطة في جنيف بين الكرملين والبيت الأبيض، في إطار ما يسمى بالحوار الاستراتيجي بين روسيا والولايات المتحدة.

موسكو تراقب بكثير من الارتياح الانفتاح العربي على سوريا، وتشجع الأردن على المضي في مقاربته الجديدة حيالها، وهي أوفدت نائب وزير دفاعها إلى درعا، للسهر مباشرة على تأمين ”كوريدور الطاقة“ الممتد من مصر عبر الأردن وسوريا وصولا للبنان، وهي تدفع باتجاه عودة سوريا للجامعة العربية، وربما انخراطها في مشروع ”الشام الجديدة“ إن قُدّر له أن ينجو من محاولة الاغتيال التي تعرض لها مصطفى الكاظمي قبل أيام، فذلك يصب القمح في طاحونتها، ومن شأنه إضعاف قبضة إيران واحتواء غلواء تركيا، وتحفيز واشنطن على تغيير مقاربتها حيال دمشق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعبة روسيا المركبة في سوريا لعبة روسيا المركبة في سوريا



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 16:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
المغرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 21:24 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 09:02 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 18:10 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 07:57 2016 الأحد ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هافانا ذات الجو الحارّ غارقة في التاريخ ونابضة بالحياة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib